تحل اليوم ذكرى وفاة أحمد زويل، العالم المصري الذي أضاء تاريخ العلم الحديث باسمه، ورفع راية مصر في المحافل العلمية العالمية، ففي مثل هذا اليوم من عام 2016، فقدت مصر والعالم العربي أحد رموز الإبداع والتميز، بعد مسيرة علمية مليئة بالإنجازات والتكريمات.

مقال له علاقة: مصطفى شعبان يعود إلى السينما من جديد ويقدم لنا مفاجآت مثيرة!
تأتي ذكرى وفاته لتعيد إلى الأذهان رحلته التي بدأت من مدينة صغيرة في دلتا مصر، ووصلت إلى أعلى منصات التتويج العالمية، بما في ذلك جائزة نوبل في الكيمياء عام 1999، تقديرًا لاختراعه الفيمتو ثانية، الذي غيّر فهم حركة الجزيئات.
ذكرى وفاة أحمد زويل تفتح صفحة في تاريخ العلماء العرب
تحمل ذكرى وفاة أحمد زويل معنى خاصًا، فهي ليست مجرد مناسبة لاستعادة سيرة شخصية ناجحة، بل هي درس ملهم في المثابرة والطموح، وُلد زويل عام 1946 في مدينة دمنهور بمحافظة البحيرة، وانتقل مع أسرته إلى مدينة دسوق بمحافظة كفر الشيخ، حيث نشأ وتلقى تعليمه الأساسي.
بعد حصوله على بكالوريوس العلوم من جامعة الإسكندرية عام 1967 بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، عُيّن معيدًا بالجامعة، ثم نال منحة للدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية، وهناك بدأ فصل جديد من حياته العلمية، حصل خلاله على درجة الدكتوراه، وانطلق في رحلته نحو العالمية.
مشوار علمي بدأ من مصر وانتهى إلى قمة المجد العالمي
بعد حصوله على الدكتوراه، التحق زويل بجامعة كاليفورنيا، حيث بدأ أبحاثه بين عامي 1974 و1976، ثم انتقل إلى معهد كاليفورنيا للتقنية “كالتك”، ليشغل منصب أستاذ رئيسي للكيمياء، وهو أعلى منصب أكاديمي في الجامعات الأمريكية، خلفًا للعالم لينوس باولنغ.
لم يقتصر نشاط زويل على الولايات المتحدة، بل كان أستاذًا زائرًا في عدد كبير من الجامعات حول العالم، منها الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وألقى محاضرات في أرقى المحافل العلمية، وسُجل اسمه في قائمة الشرف الأمريكية التي تضم شخصيات بارزة أثرت في التقدم العلمي.
أحمد زويل.. من نوبل إلى أهم المناصب العلمية الدولية
في عام 1999، حصل زويل على جائزة نوبل في الكيمياء لاختراعه كاميرا تعمل بالليزر تلتقط حركة الجزيئات عند تكوّنها، باستخدام وحدة زمنية تُعرف بـ”الفيمتو ثانية”، وهي وحدة تقيس جزءًا من مليون مليار جزء من الثانية، مما أحدث ثورة في مجال تصوير التفاعلات الكيميائية.
بعد نوبل، واصل زويل دوره العلمي والتقني، حيث عيّنته الرئاسة الأمريكية عام 2009 عضوًا في مجلس مستشاري الرئيس للعلوم والتكنولوجيا، وفي عام 2014، اختاره الرئيس عبد الفتاح السيسي ضمن المجلس الاستشاري لكبار العلماء والخبراء في مصر، دعمًا لنهضة البحث العلمي.
مؤلفات زويل وأبحاثه.. إرث علمي يتجاوز 350 دراسة
خلال مسيرته، نشر الدكتور أحمد زويل أكثر من 350 بحثًا علميًا في مجلات دولية مرموقة، وترك أثرًا بارزًا في مجالات الكيمياء والفيزياء، كما ألّف كتبًا لاقت رواجًا كبيرًا، من أبرزها “رحلة عبر الزمن: الطريق إلى نوبل”، و”عصر العلم”، وقد نُشرت الطبعة الأولى من الكتابين عام 2005، وحققا نجاحًا كبيرًا في مصر والعالم العربي.
التكريمات التي نالها زويل في حياته
لم يكن تكريم أحمد زويل مقصورًا على جائزة نوبل، فقد حصل على جوائز وأوسمة عديدة، منها:
جائزة ماكس بلانك الألمانية.
جائزة الملك فيصل العالمية.
وسام جوقة الشرف الفرنسي.
قلادة بريستلي الأمريكية.
وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى داخل مصر.
مقال له علاقة: مها الصغير تتحدث لأول مرة بعد أزمة سرقة اللوحة وتعتذر: «أنا أخطأت.. والظروف الصعبة لا تبرر ما حدث»
قلادة النيل العظمى، أعلى وسام مصري.
كما حصل على الدكتوراه الفخرية من العديد من الجامعات، ونال جائزة السلطان قابوس للفيزياء، ووسام الأكاديمية البابوية، إلى جانب انتخابه عضوًا في الأكاديمية الملكية البريطانية، والأكاديميات العلمية الفرنسية، الروسية، الصينية، والسويدية.
زويل ومشروع مدينة العلوم.. حلم بدأ يتحقق
من أبرز مشروعات زويل التي ارتبطت باسمه في مصر، مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، التي أسسها كمنصة وطنية للبحث العلمي والتعليم المتطور، هدف المشروع إلى توفير بيئة علمية محفزة، تتيح للشباب المصري التميز في مجالات العلوم والتقنية، بما يحقق نقلة نوعية في مستقبل مصر العلمي.
ضمت المدينة جامعة ومعاهد بحثية، وتم التخطيط لها لتكون مركزًا دوليًا للابتكار، قادرًا على الربط بين البحث العلمي والصناعة، ومكانًا لتخريج أجيال قادرة على المنافسة العالمية.
المرض والوفاة.. نهاية جسد وبقاء أثر
في عام 2013، أعلن زويل إصابته بورم سرطاني في النخاع الشوكي، ورغم المرض، ظل يعمل وينجز حتى الأيام الأخيرة في حياته، مؤمنًا برسالة العلم، وفي 2 أغسطس 2016، توفي عن عمر يناهز 70 عامًا، ونعاه قادة دول وشخصيات علمية بارزة من جميع أنحاء العالم.
وكان زويل قد أوصى بأن يُدفن في تراب مصر، وهو ما تم بالفعل، حيث نُقل جثمانه من الولايات المتحدة ودفن في أرض وطنه، الذي لم يغب عنه في وجدانه رغم الغربة الطويلة.
تخليد اسمه في مصر وخارجها
كرّمته مصر بإطلاق اسمه على شوارع ومدارس، كما وضعت هيئة البريد صورته على طوابع بريدية، وسمّت دار الأوبرا المصرية أحد صالوناتها باسمه، ولا يزال يُذكر بكل فخر كأحد أبناء الوطن الذين تركوا بصمة لا تُنسى في العالم.
تعليقات