محمود محيي الدين يوضح كيف يمكن تجاوز أزمة الديون وتعزيز التنمية من خلال التمويل الوطني

في ندوة استضافها البنك الإسلامي للتنمية، دعا الدكتور محمود محيي الدين، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لتمويل التنمية المستدامة، إلى إعادة تصور منظومة التمويل العالمي والتركيز على التمويل الوطني كركيزة أساسية للتنمية، مشددًا على أن التغلب على أزمة الديون وتمويل التنمية يتطلب حلولاً جذرية وغير تقليدية، تعتمد على الموارد المحلية وتقوية المؤسسات الوطنية.

محمود محيي الدين يوضح كيف يمكن تجاوز أزمة الديون وتعزيز التنمية من خلال التمويل الوطني
محمود محيي الدين يوضح كيف يمكن تجاوز أزمة الديون وتعزيز التنمية من خلال التمويل الوطني

جاء ذلك خلال ندوة عقدت بمقر مجموعة البنك الإسلامي للتنمية في جدة، تحت عنوان: “إعادة تصور التمويل العالمي للتنمية مع علاج أزمة الديون”، بحضور مسؤولين وخبراء اقتصاديين بارزين

التمويل الوطني بديلاً عن الاقتراض الخارجي

قال محيي الدين إن التمويل الوطني يجب أن يكون أولوية قصوى في السياسات الاقتصادية، مؤكدًا أن الاعتماد المفرط على القروض الخارجية يُفاقم الأزمة ويُهدد الاستقرار المالي للدول النامية، في ظل ما وصفه بـ”أزمة ديون صامتة” تؤدي إلى اقتطاع موازنات التعليم والصحة والخدمات الأساسية.

وأوضح أن فريق خبراء الأمم المتحدة المعني بأزمة الدين العالمي، والذي يترأسه، قدم 11 توصية قابلة للتنفيذ، تمثل خارطة طريق واقعية للخروج من الأزمة، من خلال إصلاح هيكل التمويل العالمي، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي، وتشجيع الإصلاحات المحلية.

التوصيات التي استعرضها محيي الدين تضمنت ثلاثة محاور رئيسية:

  1. إصلاح نظام التمويل متعدد الأطراف:
    • إعادة توجيه موارد المؤسسات المالية الدولية
    • تطبيق آليات تعليق سداد الديون خلال الأزمات
    • توسيع نطاق إعادة الهيكلة ليشمل الدول متوسطة الدخل
    • تحسين أدوات تحليل القدرة على تحمل الديون
    • توجيه حقوق السحب الخاصة نحو زيادة رأس المال التنموي
  2. تعزيز التعاون الإقليمي والدولي:

    • إنشاء مركز معلومات لمبادلات الديون مقابل التنمية
    • تشكيل منتدى للمقترضين لتبادل الخبرات
    • دعم مكاتب إدارة الديون في الدول النامية ببناء القدرات الفنية والإدارية
  3. إصلاحات وطنية شاملة:

    • تحسين كفاءة إدارة السيولة والمخاطر المالية
    • إعداد مشروعات تنموية قابلة للتمويل والاستثمار
    • تقليل تكلفة المعاملات وتحسين الأطر التشريعية والأدوات المالية

دروس من الجنوب العالمي: الاستثمار في الإنسان أولاً

وفي سياق حديثه عن النجاحات النسبية لبعض الدول، أشار محيي الدين إلى تجارب الهند والصين ودول “آسيان” التي تمكنت من تقليص الفقر المدقع من خلال تعبئة الموارد المحلية، والتركيز على الاستثمار في رأس المال البشري والبنية التحتية الرقمية.

وأكد أن هذه النماذج “تبرهن أن عدد السكان الكبير ليس عائقًا، بل يمكن أن يتحول إلى ميزة إذا تم الاستثمار فيه بشكل صحيح”.

الإرادة السياسية والمؤسسات… مفاتيح النجاح

ردًا على تساؤلات حول ضعف أداء بعض الدول الأقل نموًا، شدد محيي الدين على أن الأزمة لا تتعلق بالتمويل فقط، بل بـ”الإرادة السياسية وصلابة المؤسسات”، مستشهدًا بتجربتي سنغافورة وكوريا الجنوبية اللتين خرجتا من الفقر بفضل رؤية جماعية وإصلاحات مؤسسية.

تمويل إسلامي أقوى بالرقمنة والاستدامة

وفيما يخص التمويل الإسلامي، أشار محيي الدين إلى ضرورة تحديث أدواته وربطه بالتحول الرقمي والاستدامة، لضمان تأثير محلي وإقليمي أكبر، مشددًا على أهمية إدماج هذا النوع من التمويل في النظام المالي العالمي.

أهداف التنمية 2030 في مهب الريح

كشف محيي الدين عن تراجع عالمي في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، حيث تسير فقط 15٪ من الأهداف على المسار الصحيح، فيما تواجه أكثر من نصفها انتكاسات، محذرًا من أن هذا التراجع لا يقتصر على الدول النامية فقط، بل يمتد إلى الدول المتقدمة.

اختتم محيي الدين الندوة بدعوة البنك الإسلامي للتنمية إلى تبني التوصيات الـ11 وتفعيل فكرة إنشاء “نادي المقترضين” لتعزيز الصوت الجماعي للدول النامية، معتبرًا أن ذلك سيكون فرصة مهمة لتعزيز دور البنك في صياغة مستقبل التنمية عالميًا.