تصعيد عسكري في الخليج يؤثر على أسعار النفط بعد هجوم إيران على قاعدة العديد في قطر ومخاوف من استهداف دول المنطقة

تشهد أسواق النفط العالمية حالة من الاضطراب والترقب الشديد، بعد تصاعد التوترات العسكرية في منطقة الشرق الأوسط، ورد إيران بالانتقام من الولايات المتحدة وإسرائيل، وقد انعكست هذه التطورات فورًا على أسعار الخام، وسط مخاوف جدية من اتساع رقعة الصراع وتأثيره الكارثي على إمدادات الطاقة العالمية عبر مضيق هرمز الحيوي.

تصعيد عسكري في الخليج يؤثر على أسعار النفط بعد هجوم إيران على قاعدة العديد في قطر ومخاوف من استهداف دول المنطقة
تصعيد عسكري في الخليج يؤثر على أسعار النفط بعد هجوم إيران على قاعدة العديد في قطر ومخاوف من استهداف دول المنطقة

قفزات حادة في أسعار النفط.. ثم تراجع بعد الهجوم الإيراني على قاعدة العديد

شهدت الأسواق قفزات حادة في التداولات الأولية، حيث ارتفع خام برنت بنسبة 2.49% ليسجل 78.93 دولارًا للبرميل، بينما قفز خام غرب تكساس بنسبة 2.56% ليصل إلى 75.73 دولارًا للبرميل، وقد لامس الخامان أعلى مستوياتهما منذ خمسة أشهر في التداولات المبكرة، مما يعكس حالة القلق الشديد في الأسواق.

ومع ذلك، تراجعت أسعار النفط بنحو 7% في الأسواق العالمية عقب الهجوم الإيراني على قاعدة العديد الأمريكية في قطر، في ردٍ على الضربات الأمريكية الأخيرة، جاء هذا الانخفاض الحاد وسط مخاوف المستثمرين من تصاعد التوترات العسكرية واتساع رقعة الصراع في منطقة الشرق الأوسط، ما قد يؤثر على استقرار الطلب العالمي، وأرجع محللون هذا الهبوط إلى تهدئة الأسواق بعد امتصاص الصدمة الأولية، وتراجع احتمالات حدوث تعطيل فعلي لإمدادات النفط من الخليج العربي في الوقت الراهن.

ضربات أمريكية-إسرائيلية تشعل فتيل التوتر

جاء هذا الارتفاع الصاروخي في أسعار النفط عقب تقارير عن قصف منشآت نووية إيرانية من قبل واشنطن وتل أبيب، وقد أكدت تصريحات للرئيس الأمريكي دونالد ترامب استهداف مواقع رئيسية في إيران، وسط تعهد إيراني برد قاسٍ على هذه الضربات، وواصلت إيران إطلاق الصواريخ على إسرائيل، بينما كثفت القوات الإسرائيلية غاراتها على المواقع العسكرية والمطارات في إيران، من جانبه، تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بمواصلة حملة بلاده العسكرية ضد إيران وقطاع غزة.

مضيق هرمز في مهب الريح: تهديد يرفع الأسعار عالميًا

بات مضيق هرمز، الذي يمر عبره 20% من تجارة النفط العالمية، في قلب العاصفة، وقد لوّحت إيران مجددًا بإغلاق المضيق، ووافق البرلمان الإيراني رسميًا على هذا الإجراء، وعلى الرغم من وجود خطوط أنابيب بديلة، حذر المحللون من توقف الصادرات في حال إغلاق المضيق، ما قد يدفع بشركات الشحن الكبرى لتجنب المنطقة بالكامل، مما يزيد من تعقيدات إمدادات الطاقة.

في هذا السياق، حذر محللو جولدمان ساكس من أن سعر برميل خام برنت قد يقفز مؤقتًا إلى 110 دولارات، إذا تراجعت التدفقات عبر هرمز بنسبة 50% لمدة شهر، مع استمرار التأثير لمدة 11 شهرًا قادمة، هذا السيناريو يزيد من مخاوف الأسواق العالمية من وقوع أزمة طاقة عالمية تهز الاقتصاد برمته.

ترقب عالمي وتأثيرات اقتصادية واسعة النطاق

تترقب الأسواق العالمية تطورات الساعات القادمة بقلق بالغ، حيث أثارت الضربات الأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية مخاوف من اتساع رقعة الحرب في الشرق الأوسط، ورغم تراجع النفط عن بعض مكاسبه الأولية، حيث بلغ سعر برنت 77.65 دولارًا للبرميل في لندن، إلا أن عقود الأسهم المستقبلية في الولايات المتحدة تراجعت في البداية، مع تقييم المستثمرين لمخاطر الرد الإيراني على إمدادات الطاقة العالمية.

وأكد محللو بلومبرغ إيكونوميكس أن “اتساع رقعة الصراع يزيد خطر ارتفاع أسعار النفط، ويدفع اتجاه التضخم نحو الارتفاع”، وقد شملت العملية العسكرية الموسعة، التي استهدفت مواقع نووية في فوردو ونطنز وأصفهان، استخدام 125 طائرة وضربات بصواريخ “توماهوك”، بالإضافة إلى قنابل خارقة للتحصينات.

عقبات أمام الرد الإيراني وعزلة دولية

على الرغم من تهديدات إيران بالرد، فإن عزلتها على الساحة الدولية تمثل عقبة كبرى، فكبار حلفائها، روسيا والصين، يقدمون دعمًا خطابيًا فقط، بينما ترفض الميليشيات الموالية لإيران الدخول في حرب شاملة، وقد أوضح مسؤولون روس أن اتفاقية التعاون مع إيران لا تتضمن التزامات بالدفاع المشترك، كما لا ترغب الصين، التي تستورد أغلب احتياجاتها من النفط والغاز من دول الخليج، في ارتفاع كبير في أسعار الطاقة أو تعطيل حركة الملاحة في مضيق هرمز.

وفي ظل هذا المشهد المعقد، يظل مستقبل إمدادات الطاقة والاقتصاد العالمي رهن تطورات الصراع في الشرق الأوسط، وسط تحذيرات متزايدة من تداعيات غير مسبوقة.

تحذير: إيران قد تستهدف دول الخليج

في سياق متصل، وبعد الضربات الأخيرة على منشآتها النووية، تشير مصادر مطلعة إلى أن إيران قد تلجأ إلى استهداف المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، بما في ذلك البنية التحتية النفطية في دول الخليج العربي، هذا السيناريو يزيد من القلق في المنطقة، حيث تعتمد دول الخليج بشكل كبير على تصدير النفط والغاز عبر الممرات المائية الحيوية، وأي هجوم عليها سيهدد الاستقرار الإقليمي وإمدادات الطاقة العالمية.