شباب مصر يواجهون تحديات التمويل في تحقيق أحلام الريادة.. ما هي أسباب صعوبة الحصول على قروض للمشروعات الصغيرة؟
تعتبر مشاريع الشباب، وخاصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، بمثابة شريان الحياة لأي اقتصاد نامٍ، فهي تساهم في خلق فرص عمل، وتعزز الابتكار، وتلعب دورًا مهمًا في زيادة الناتج المحلي الإجمالي، وفي مصر، حيث تتوافر طاقات شبابية كبيرة وأفكار ريادية واعدة، يظل السؤال المطروح: ما هي العوائق التي تحول دون تحويل هذه الأفكار إلى واقع ملموس، هل هي “فجوة ثقة” بين الشباب والبنوك، أم “معوقات بيروقراطية” تعرقل مسيرة التمويل؟
ممكن يعجبك: اكتشف أحدث أسعار الذهب في السعودية اليوم 31 مايو.. ارتفاعات ملحوظة في السوقين المحلي والعالمي
حلم الريادة: طموحات الشباب وعقبات التمويل
يحمل آلاف الشباب المصريين أحلامًا كبيرة لبدء مشاريعهم الخاصة، مدفوعين بالحماس ورغبة في الابتكار وتقديم حلول جديدة للسوق، من مشروعات تكنولوجية ناشئة، إلى ورش حرفية، ومطاعم صغيرة، ومبادرات اجتماعية، تتنوع أفكار الشباب وتعكس حيوية المجتمع.
التقينا ببعض هؤلاء الشباب لنعرض مشاكلهم، وجاءت كالتالي:
محمد علي (30 عامًا، رائد أعمال في مجال التسويق الرقمي): “لديَّ فكرة مشروع متكامل يمكن أن يخدم شريحة كبيرة من الشركات الصغيرة، ويساهم في خلق وظائف، قضيت شهورًا في إعداد دراسة جدوى مفصلة، لكن عندما توجهت للبنوك، واجهت جدارًا من الطلبات المعقدة والضمانات التي لا أستطيع توفيرها كشاب يبدأ من الصفر، أشعر أنهم لا يثقون في الأفكار الجديدة بقدر ثقتهم في الأصول الثابتة.”
سارة محمود (27 عامًا، صاحبة مشروع لمنتجات يدوية): “أواجه صعوبة كبيرة في توسيع ورشتي بسبب نقص التمويل، أرباحي تغطي تكاليف التشغيل بالكاد، البنوك تطلب سجلًا تجاريًا ضخمًا وعدد سنوات خبرة في السوق، بينما نحن في بداية الطريق، أين الثقة في قدرة الشباب على النجاح إذا لم يمنحونا الفرصة؟”
من منظور مصرفي: معايير صارمة وضوابط ائتمانية لحماية المودعين
أكدت المؤسسات المصرفية أن عملية تمويل المشروعات، لا سيما الصغيرة والمتوسطة والناشئة، تخضع لمجموعة من المعايير الائتمانية والرقابية الدقيقة، التي تهدف بالأساس إلى إدارة المخاطر وحماية أموال المودعين، وفي هذا السياق، قال مصدر مصرفي مسؤول: “تلتزم البنوك بتوجيهات البنك المركزي المصري لدعم قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وهناك محفظة كبيرة مخصصة لهذا الغرض، ومع ذلك، فإن طبيعة هذه المشروعات، وخاصة تلك التي يقودها شباب رواد أعمال، تتطلب تقييمًا شاملًا لعدة عوامل رئيسية، فغالبًا ما يفتقر رواد الأعمال الشباب إلى سجل ائتماني كافٍ، أو بيانات مالية موثقة لسنوات عديدة، أو حتى الضمانات التقليدية التي تتطلبها الأطر المصرفية المعمول بها، هذه العوامل لا تعكس بالضرورة عدم الثقة في الفكرة، بل هي جزء من ضوابط إدارة المخاطر التي تضمن استمرارية البنك وقدرته على الإقراض في المستقبل.”
وأضاف المصدر: “نحن نسعى دائمًا لسد الفجوة بين طموح الشباب ومتطلبات الإقراض البنكي، يكمن التحدي في كيفية مساعدة رواد الأعمال على إعداد دراسات جدوى قوية ومقنعة، وخطط عمل واقعية، وفهم أفضل للمتطلبات المصرفية، وهو ما نعمل عليه من خلال الشراكات مع الجهات الداعمة لرواد الأعمال.”
فجوة الثقة أم بيروقراطية المعايير؟
يبدو أن المشكلة تقع في منطقة رمادية بين الأمرين:
- فجوة الثقة: قد يشعر الشباب بأن البنوك لا تمنحهم الثقة الكافية في أفكارهم وقدراتهم، وتركز على الضمانات التقليدية بدلاً من الابتكار
- المعوقات البيروقراطية: تتمثل في طول الإجراءات، تعقيد المتطلبات الورقية، وصعوبة تلبية الشروط المالية والضمانات المطلوبة، خاصة للمشاريع الناشئة التي لا تمتلك أصولًا كبيرة
مبادرات حكومية ومؤسسات داعمة: محاولة لسد الفجوة
لمواجهة هذه التحديات، تبذل الدولة المصرية جهودًا كبيرة من خلال:
شوف كمان: مصر تسعى لاستيراد الغاز بعقود طويلة الأجل حتى 2028 وفقًا لتقارير بلومبرج
- إطلاق مبادرات لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة بفوائد ميسرة، ووضع نسبًا محددة للبنوك لضخ التمويل في هذا القطاع
- جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر: يقدم الجهاز حزمة متكاملة من الخدمات تتجاوز التمويل، تشمل التدريب، المساعدة في إعداد دراسات الجدوى، توفير مساحات للعمل المشترك (Co-working spaces)، وربط الشباب بالجهات التمويلية
- صناديق ومسرعات الأعمال: تزايد دور صناديق الاستثمار الجريء ومسرعات الأعمال التي توفر تمويلًا مبدئيًا ودعمًا فنيًا للمشاريع الناشئة، وتساعد على بناء سجل ائتماني للمشروعات المؤهلة للحصول على تمويل بنكي لاحقًا
نحو مستقبل أكثر تيسيرًا: توصيات وحلول مقترحة
لتحويل التحديات إلى فرص، يمكن اقتراح عدة حلول:
- تطوير نماذج تقييم ائتماني مرنة: تتجاوز الضمانات التقليدية لتشمل تقييم نموذج العمل، فريق العمل، وإمكانيات النمو
- توسيع دور الضمانات غير التقليدية: مثل ضمانات الشركات الكبرى للمشاريع الناشئة، أو صناديق ضمان المخاطر التي تدعمها الدولة
- تبسيط الإجراءات وتوحيد المتطلبات: إنشاء نافذة موحدة لتقديم طلبات التمويل، وتقليل حجم المستندات المطلوبة
- برامج تدريب مكثفة للشباب: لتعزيز مهاراتهم الإدارية والمالية، وكيفية إعداد خطط عمل مقنعة للبنوك
- زيادة الوعي المصرفي لدى الشباب: تعريفهم بآليات التمويل المتاحة وكيفية الاستفادة منها
- تشجيع الشراكات بين البنوك وجهات دعم ريادة الأعمال: لخلق مسارات تمويلية متكاملة تبدأ من الفكرة وتصل إلى التوسع
اقرأ كمان: سعر جرام الذهب عيار 21 في السعودية اليوم في ثاني أيام العيد
تعليقات