البنك المركزي يقرر خفض أسعار العائد الأساسي بنسبة 1% لتعزيز الاقتصاد

في خطوة مهمة تعكس التوجهات الاقتصادية الحالية، قررت لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي المصري خلال اجتماعها يوم الخميس الموافق 22 مايو 2025 خفض سعر عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بمقدار 100 نقطة أساس، ليصبح 24.00% و25.00% و24.50% على الترتيب، كما تم خفض سعر الائتمان والخصم بنفس النسبة ليصل إلى 24.50%، ويأتي هذا القرار في ظل تطورات اقتصادية محلية ودولية، حيث تراجعت توقعات النمو العالمي، مما دفع العديد من البنوك المركزية في مختلف الدول إلى اتخاذ سياسات نقدية أكثر حذراً، في ظل استمرار حالة عدم اليقين بشأن آفاق النمو والتضخم، وتبقى أسعار السلع الأساسية، وخاصة النفط، محاطة بعوامل تؤثر على العرض والطلب، مما ينعكس على الأسعار العالمية، ورغم تراجع الضغوط التضخمية، إلا أن المخاطر المرتبطة بالتوترات الجيوسياسية والاضطرابات التجارية لا تزال قائمة، مما يجعل الوضع الاقتصادي بحاجة إلى مراقبة دقيقة.

البنك المركزي يقرر خفض أسعار العائد الأساسي بنسبة 1% لتعزيز الاقتصاد
البنك المركزي يقرر خفض أسعار العائد الأساسي بنسبة 1% لتعزيز الاقتصاد

أما على الجانب المحلي، تفيد المؤشرات الأولية للربع الأول من عام 2025 باستمرار تعافي النشاط الاقتصادي، مع التوقعات بنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنحو 5.0% مقابل 4.3% في الربع الرابع من عام 2024، وتشير تقديرات فجوة الناتج إلى أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لا يزال دون طاقته القصوى بالرغم من النمو المستمر في النشاط الاقتصادي، مما يشير إلى أن الضغوط التضخمية من جانب الطلب سوف تظل محدودة، ويأتي ذلك متسقاً مع المسار النزولي المتوقع للتضخم في المدى القصير، والذي يظل مدعوماً بالأوضاع النقدية الحالية، ومع ذلك، من المتوقع أن يصل النشاط الاقتصادي إلى طاقته القصوى بنهاية السنة المالية 2025/2026، وفيما يتعلق بسوق العمل، شهد معدل البطالة انخفاضاً طفيفاً ليسجل 6.3% في الربع الأول من عام 2025 مقابل 6.4% في الربع الرابع من عام 2024.

شهد التضخم السنوي انخفاضاً حاداً في الربع الأول من عام 2025، وهو ما يُعزى إلى تراجع حدة الضغوط التضخمية، وفعالية سياسة التقييد النقدي، والأثر الإيجابي لفترة الأساس، إلى جانب التلاشي التدريجي لأثر الصدمات السابقة، وبحلول أبريل 2025، استقر كل من المعدل السنوي للتضخم العام والأساسي عند 13.9% و10.4% على الترتيب، الأمر الذي يرجع بالأساس إلى اعتدال التطورات الشهرية للتضخم نتيجة انخفاض أسعار السلع الغذائية، والذي ساهم في الحد من تأثير ارتفاع تضخم السلع غير الغذائية إثر تحركات الأسعار المحددة إدارياً، ونظراً لأن الضغوط الناجمة عن تلك التحركات ذات طبيعة مؤقتة، استمر التضخم الضمني في اتخاذ مسار نزولي منذ بداية العام ليتقارب تدريجياً نحو مستواه المتسق مع مستهدف البنك المركزي للربع الرابع من 2026.

ويشير تباطؤ التضخم العام والأساسي، بالإضافة إلى تراجع التضخم الضمني، إلى تحسن توقعات التضخم، وعليه، من المتوقع أن يواصل المعدل السنوي للتضخم العام تراجعه خلال الفترة المتبقية من عام 2025 وعام 2026، غير أن إجراءات ضبط أوضاع المالية العامة المُنفّذة والمقررة في عام 2025 فضلاً عن الثبات النسبي لتضخم السلع غير الغذائية من شأنهما الإبطاء من وتيرة هذا الانخفاض، وجدير بالذكر أن حدة المخاطر الصعودية المحيطة بآفاق التضخم قد تراجعت مقارنة باجتماع لجنة السياسة النقدية في شهر أبريل، وذلك في ضوء تراجع حدة التوترات التجارية، وتطورات سعر الصرف الحالية، وعودة مؤشر المخاطر إلى مستواه المعتاد، مما يسمح بمواصلة دورة التيسير النقدي التي بدأت في الاجتماع السابق للجنة، ورغم ذلك، فإن المخاطر الصعودية تظل قائمة، وتتمثل في الآثار الناجمة عن السياسات التجارية الحمائية عالمياً، وتصاعد الصراعات الإقليمية، وتجاوز آثار ضبط أوضاع المالية العامة التوقعات.

وبناءً عليه، واستناداً إلى الأوضاع النقدية الحالية، ترى لجنة السياسة النقدية أن خفض أسعار العائد الأساسية للبنك المركزي بمقدار 100 نقطة أساس يحقق التوازن بين التحوط من المخاطر السائدة والحيز المتاح للمضي قدماً في دورة التيسير النقدي، مع دعم المسار النزولي للتضخم خلال الأفق الزمني للتوقعات، وسوف تواصل اللجنة تقييم قراراتها على أساس كل اجتماع على حدة، مع التأكيد على أن هذه القرارات تعتمد على التوقعات والمخاطر المحيطة بها وما يستجد من بيانات، وسوف تواصل اللجنة متابعة التطورات الاقتصادية والمالية عن كثب، ولن تتردد في استخدام كل الأدوات المتاحة للوصول بالتضخم إلى المعدل المستهدف البالغ 7% (±2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2026.