تحتل المجاعة في غزة الصدارة على الساحة الدولية كواحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في القرن الحالي، حيث أصبحت صور الأطفال الهُزلَى والنساء والشيوخ الذين أنهكتهم سياسة التجويع الإسرائيلية تثير صدمة عالمية غير مسبوقة.
تحولت أجساد المدنيين إلى هياكل عظمية تعكس مأساة يعيشها أكثر من مليوني فلسطيني محاصرين، في ظل حصار خانق وعمليات عسكرية مستمرة، وصمت دولي عاجز عن وقف ما يصفه الحقوقيون بـ “الإبادة الجماعية”.
المجاعة في غزة.
أوضح د. علي الأعور، الخبير السياسي الفلسطيني، في تصريح خاص لموقع “نبأ مصر” أن الوضع لم يعد مجرد أزمة غذاء، بل تحول إلى أداة حرب منظمة يستخدمها الاحتلال الإسرائيلي بقيادة بنيامين نتنياهو للضغط على الفلسطينيين.
وأضاف الخبير أن صور الأطفال الذين فقدوا القدرة على الوقوف نتيجة سوء التغذية تركت أثراً بالغاً في الرأي العام الأوروبي والعالمي، حيث ارتفعت أصوات الغضب من العواصم الأوروبية رفضاً لسياسة التجويع.
وتابع أن أوروبا، بما فيها فرنسا والاتحاد الأوروبي، أعلنت بشكل واضح رفضها لهذه الممارسات، مؤكدة أن ما يجري في غزة لا يمكن قبوله، في حين اعتبرت بريطانيا أن استمرار المجاعة في غزة يمثل وصمة عار على جبين المجتمع الدولي.
لم تتوقف ردود الفعل عند حدود أوروبا، بل امتدت إلى الولايات المتحدة، حيث أقر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بوجود مجاعة حقيقية في غزة، داعياً إلى معالجة الوضع سريعاً.
أما الرئيس الفرنسي ماكرون فقد أكد أن بلاده لن تسكت على سياسة تجويع وقتل الفلسطينيين، مطالباً بوقف فوري لهذه الانتهاكات.
تشير تقارير حقوقية إلى أن الجيش الإسرائيلي اعترف بشكل صريح بإطلاق النار على المدنيين الفلسطينيين الذين يتجمعون أمام مراكز توزيع المساعدات.
كشفت هذه الاعترافات للعالم أن المجاعة في غزة ليست نتيجة طبيعية للحرب، وإنما سياسة ممنهجة تهدف إلى كسر إرادة السكان ودفعهم نحو التهجير القسري.
المجاعة في غزة.
وفقاً لوزارة الصحة الفلسطينية في غزة، ارتفع عدد ضحايا المجاعة إلى 313 شهيداً، من بينهم 119 طفلاً، خلال الأسابيع الأخيرة فقط.
كما سجلت عشر حالات وفاة جديدة في يوم واحد، معظمها بسبب سوء التغذية ونقص الرعاية الطبية.
في الوقت نفسه، وثقت منظمات حقوقية مقتل أكثر من 33 فلسطينياً بنيران إسرائيلية، بينهم أربعة كانوا بانتظار استلام مساعدات غذائية.
تعكس هذه الأرقام حجم الكارثة الإنسانية، وتكشف أن المدنيين في القطاع يواجهون الموت إما جوعاً أو بالقصف المباشر.
اقرأ أيضًا..
يواصل الجيش الإسرائيلي الترويج لخطط تهجير سكان مدينة غزة نحو الجنوب، تحت ذريعة توفير المساعدات الإنسانية.
في بيان رسمي، زعم الجيش أن “إخلاء مدينة غزة لا مفر منه”، معلناً عن تجهيز خيام ومناطق لتجميع السكان.
لكن منظمات حقوقية فلسطينية ودولية اعتبرت أن هذه الخطة ليست سوى جزء من سيناريو التهجير القسري، حيث يتم دفع المدنيين للهروب من المجاعة نحو مناطق مجهولة المصير.
المجاعة في غزة.
رغم الحديث الإسرائيلي عن مراكز توزيع المساعدات، فإن الوقائع على الأرض تكشف عكس ذلك.
فقد أعلنت وكالة الأنباء الفلسطينية أن الطيران الإسرائيلي شن غارات على تجمعات المدنيين عند نقاط توزيع الطحين والمساعدات، ما أسفر عن مقتل 11 فلسطينياً وإصابة 30 آخرين خلال 24 ساعة فقط.
يقول ناشطون إن الاحتلال يستخدم “المساعدات” كفخ لجذب المدنيين، قبل استهدافهم، وهو ما يضاعف معاناة الأهالي العالقين بين الجوع والخوف من الموت المفاجئ.
في خضم هذه الكارثة، تجاهلت الحكومة الإسرائيلية مناقشة صفقة وافقت عليها حركة “حماس”، وبدلاً من ذلك انشغل وزراء نتنياهو بعشاء سياسي احتفالي.
اعتبر المراقبون هذا التجاهل دليلاً على أن الاحتلال يراهن على استمرار سياسة الحرب والتجويع، دون أي نية حقيقية لوقف إطلاق النار.
على الجانب الآخر، أعلنت واشنطن عن اجتماع موسع سيقوده الرئيس ترامب لمناقشة مستقبل غزة، وصرح المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف بأن الإدارة الأمريكية تسعى إلى تسوية الحرب قبل نهاية العام، لكن خبراء يرون أن هذه الوعود لا تحمل جديداً، خاصة في ظل استمرار القصف وتفاقم المجاعة يوماً بعد يوم.
ترامب.
يشير د. علي الأعور إلى أن الدور الأبرز في مواجهة المجاعة في غزة كان للصحافة ووسائل الإعلام التي نشرت صور المأساة على نطاق عالمي، ما أجبر الحكومات والرأي العام الدولي على التحرك.
ساهمت التغطيات الإعلامية المكثفة في كسر جدار الصمت وإبراز حجم الجريمة الإنسانية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني.