تقرير: سمر أبو الدهب
تعتبر تحويلات المصريين بالخارج شريانًا حيويًا لاقتصاد البلاد، ومصدرًا رئيسيًا للعملة الصعبة، ومع إعلان البنك المركزي المصري عن تسجيل هذه التحويلات أرقامًا قياسية خلال السنة المالية 2024-2025، حيث بلغت 36.5 مليار دولار بزيادة 66.2%، يثير هذا التطور العديد من التساؤلات حول أسباب هذه القفزة وما تعكسه من دلالات على المشهد الاقتصادي المصري.
في هذا السياق، أوضح الدكتور خالد الشافعي، رئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية، في تصريح خاص لـ«نبأ مصر»، أن الارتفاع القياسي في تحويلات المصريين بالخارج يعود إلى عدة عوامل رئيسية، أبرزها:
أولًا، ساهمت سياسات البنك المركزي في زيادة الثقة في القنوات المصرفية الرسمية، مما حفز المصريين على تحويل أموالهم عبر البنوك بدلاً من اللجوء إلى السوق الموازية، ثانيًا، لعب استقرار سعر الصرف دورًا محوريًا، حيث أصبح المصريون بالخارج يثقون في أن قيمة أموالهم لن تتآكل عند التحويل، بالإضافة إلى أن الحكومة قدمت بعض البرامج والحوافز التي استهدفت تشجيع التحويلات، مثل مبادرات استيراد السيارات، مما ساهم في جذب المزيد من العملة الصعبة عبر القنوات الرسمية.
كما أشار إلى أن هناك عوامل أخرى مثل زيادة أعداد المصريين العاملين في الخارج وتسهيلات مصرفية جديدة ساهمت في تعزيز هذه التدفقات.
أكد الشافعي أن هذا الارتفاع الكبير يمكن اعتباره مؤشرًا إيجابيًا على ثقة المصريين بالخارج في استقرار الاقتصاد الوطني، مشيرًا إلى أن جزءًا كبيرًا من هذه الزيادة يعود إلى الثقة المتجددة في الإصلاحات الاقتصادية، واستقرار سعر الصرف الذي أقره البنك المركزي، وأضاف الخبير الاقتصادي أن المصريين بالخارج أصبحوا يشعرون بأمان أكبر عند إرسال أموالهم، مع علمهم بأنها ستصل إلى ذويهم بقيمة مستقرة دون تقلبات كبيرة، مضيفًا أن الأمر لا يمكن اختزاله في الثقة الكاملة، فبعض التحويلات قد تكون لأسباب عائلية أو استثمارية شخصية لا ترتبط بالضرورة بالثقة في الاقتصاد بشكل عام، لكنها تعكس في مجملها توجهًا إيجابيًا نحو استخدام القنوات الرسمية.
واتفق الشافعي مع توقعات “فيتش سوليوشنز” بارتفاع التحويلات إلى 37.8 مليار دولار في العام المالي الحالي، ثم إلى 39.7 مليار دولار في العام المالي المقبل، ويرى أن هذا النمو سيستمر طالما استمرت الحكومة في سياساتها التي تدعم استقرار سعر الصرف وتقدم حوافز للمصريين بالخارج.
وأشار إلى أن هناك عوامل داعمة لهذا النمو، أبرزها استمرار استقرار سعر الصرف، والتركيز على توفير بيئة استثمارية جاذبة للمغتربين، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار النفط في دول الخليج التي يعمل بها عدد كبير من المصريين، مما يزيد من دخلهم وقدرتهم على التحويل، كما نبه إلى أن أي تباطؤ في الاقتصاد العالمي أو تغيرات في سياسات دول الخليج قد يشكل تحديًا لهذه التدفقات في المستقبل.