عيد ميلاد عبد السلام النابلسي.. قصة رفيق فريد الأطرش وعبد الحليم الذي عاش أكبر خسارة في حياته
في مثل هذا اليوم 23 أغسطس عام 1913، نحتفل بذكرى ميلاد عبد السلام النابلسي، واحد من أبرز نجوم الكوميديا في تاريخ السينما المصرية والعربية، الذي لُقّب بـ”الكونت” و”ملك الإيفيهات”، وقد اشتهر بخفة ظله ومرحه، مما جعله يحتل مكانة خاصة في قلوب الجماهير.

شوف كمان: وفاء عامر تهرب من مصر.. هل السبب هو قضية تجارة الأعضاء؟
وعلى الرغم من مكانته الفنية الكبيرة، فإن حياته الشخصية كانت مليئة بالمفارقات والأزمات، التي جعلت قصته أكثر إنسانية ودرامية.
ذكرى ميلاد عبد السلام النابلسي ومسيرته الأولى
بدأت قصة ميلاد النابلسي في إحدى قرى عكار في لبنان عام 1913، وسط عائلة متدينة تنتمي لأصول فلسطينية سورية.
كان والده وجده يعملان قضاة في مدينة نابلس، مما ترك أثرًا في نشأته الأولى، وعندما بلغ العشرين، أرسله والده إلى القاهرة ليلتحق بالأزهر الشريف، حيث حفظ القرآن الكريم وتعلم اللغة العربية بإتقان، كما برع في اللغة الفرنسية.
لم تقتصر رحلته في مصر على الدراسة الدينية، بل انفتحت أمامه أبواب جديدة، إذ دخل مجال الصحافة الفنية والأدبية وعمل في عدة مجلات مثل “المصوّر” و”الصباح” و”اللطائف”، لكن السينما سرعان ما خطفت قلبه ليبدأ مشواره الفني الذي استمر قرابة أربعة عقود.
عبد السلام النابلسي من الصحافة إلى شاشة السينما
ظهر النابلسي لأول مرة سينمائيًا في فيلم “غادة الصحراء” عام 1929، من إنتاج آسيا داغر، وبعدها حصل على فرصة أكبر في فيلم “وخز الضمير” عام 1931، الذي اعتبر نقطة انطلاق حقيقية لمسيرته.
خلال مسيرته، قدّم أدوارًا متنوعة، لكنه اشتهر بدور الصديق الأرستقراطي خفيف الظل، وصار اسمه مرتبطًا بالضحك والإيفيهات الذكية.
شارك مع نخبة من كبار النجوم، مثل إسماعيل ياسين الذي اجتمع معه في 36 فيلمًا، وفريد الأطرش الذي قدّم معه 16 فيلمًا، وعبد الحليم حافظ الذي شاركه في 5 أفلام شهيرة منها “شارع الحب” و”حكاية حب” و”يوم من عمري”.
ثنائي لا يُنسى مع إسماعيل ياسين
من أبرز محطات النابلسي كانت شراكته الفنية مع إسماعيل ياسين، فقدما سويًا عشرات الأفلام، وأصبحا ثنائيًا محبوبًا لدى الجمهور، حيث جمعتهما الكوميديا والمواقف الطريفة التي صارت خالدة حتى اليوم.
من أشهر أعمالهما معًا: “عفريتة هانم”، “العتبة الخضراء”، “حلاق السيدات”، “إسماعيل ياسين في الجيش”، و”الفانوس السحري”، هذه الأفلام صنعت جزءًا مهمًا من ذاكرة السينما المصرية وارتبطت بوجدان المشاهدين
مع فريد الأطرش وعبد الحليم حافظ
لم يكن النابلسي مجرد ممثل كوميدي، بل كان جزءًا من أهم الأفلام الغنائية مع فريد الأطرش، حيث قدّم أفلامًا مثل “انتصار الشباب”، “أنت حبيبي”، و”الحب الكبير”، ومع العندليب عبد الحليم حافظ، شارك في “ليالي الحب”، “فتى أحلامي”، و”شارع الحب”.
هذه الأعمال جعلت النابلسي وجهًا مألوفًا على الشاشة، حيث لا يكتمل الفيلم الغنائي أو الكوميدي إلا بوجوده.
أزمة الضرائب ونهاية مؤلمة
ورغم شهرته الكبيرة وثرائه في سنوات معينة، إلا أن حياة النابلسي لم تخلُ من الأزمات، فقد تراكمت عليه ديون الضرائب في مصر حتى وصلت إلى 13 ألف جنيه، ولم تفلح محاولاته في تسويتها.
مواضيع مشابهة: مصطفى شعبان يتصدر التريند بسبب أزمة فيلم المملكة وعلاقته بكندة علوش
اضطر إلى مغادرة مصر إلى لبنان، حيث أسس شركة إنتاج “الفنون المتحدة” عام 1962، وقدم عدة أفلام لبنانية مثل “فاتنة الجماهير” و”بدوية في باريس”.
لكن الأمور لم تستمر، إذ خسر ثروته بعد أزمة إفلاس بنك “إنترا” الشهير في بيروت، ليجد نفسه مفلسًا في سنواته الأخيرة، والمفارقة أن الفنان الذي أضحك الملايين مات فقيرًا لا يملك تكاليف جنازته عام 1968 بعد أزمة قلبية مفاجئة.
زواجه المتأخر وسر “أشهر عازب”
عُرف النابلسي في الوسط الفني بلقب “أشهر عازب”، حيث ظل رافضًا للزواج حتى سن الستين، لكنه في النهاية تزوج من معجبته “جورجيت سبات”، وهي فتاة مسيحية أحبته بشدة، تزوجها رغم معارضة أسرته، وبعد معاناة قضائية انتهت بالتصالح.
قصة زواجه كانت مفاجأة كبرى في الوسط الفني، لأنها كسرت الصورة النمطية عنه كعازب مدى الحياة.
إرث فني خالد
قدّم عبد السلام النابلسي نحو 140 فيلمًا خلال 39 عامًا من العمل الفني، ليترك بصمة لا تُنسى في السينما العربية، من أبرز أفلامه: “العزيمة”، “ليلى بنت الريف”، “الطريق المستقيم”، “أرض السلام”، و”أنت حبيبي”
ورغم رحيله في 5 يوليو 1968، بقيت أعماله مصدرًا للضحك والبهجة، شاهدة على موهبته الفريدة وروحه المرحة.
تعليقات