أكد الدكتور حاتم الجوهري، الخبير، في تصريح خاص لـ “نبأ مصر” أن أسلوب التعالي والمراوغة الذي يتبعه رئيس الوزراء الإسرائيلي يشبه أسلوب دونالد ترامب، حيث قام بتأجيل الرد على المقترح المصري القطري، وأمر بتنفيذ مناورات بحرية في البحر الأحمر، ثم بدأ في العملية المقررة للسيطرة على غزة ودفع سكانها نحو الحدود المصرية، مع تسريب أخبار حول عروض لمصر تتعلق بديونها لتقبل بالتهجير.
الدكتور حاتم الجوهري.
وأضاف “الجوهري” أنه في تاريخ الحروب وتطور مساراتها، يمكن وصف هذا الفعل من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بأنه استخفاف بالخصم، والسعي لإهانته، ومحاولة لدفع الخصم للصدام الخشن ورد الفعل العسكري الحتمي، مشيرًا إلى أنه منذ ولاية دونالد ترامب الأولى، عمد إلى محاصرة مصر من جهات عدة، ونظراً للظروف الداخلية والإقليمية التي تغيرت بشدة أمام الإدارة السياسية المصرية الجديدة التي تولت الحكم مؤخرًا، كانت المتغيرات على ما يبدو شديدة التداخل والإرباك.
وأشار “الجوهري” إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي والرئيس الأمريكي ترامب تجاوزا محددات الأمن المصري في عدة نقاط، منها الملف السوداني وملف سد النهضة والقرن الأفريقي عمومًا، وسعوا إلى تفكيك السردية المصرية التاريخية إقليميًا، وحصارها بتناقضات من كل جانب، وما يحدث اليوم هو أنهم يسعون إلى تضييق مساحة المناورة السياسية الناعمة أمام الإدارة المصرية، لتجد نفسها مضطرة لمواجهة خشنة.
وأكد “الجوهري” أن الحلول الناعمة والبدائل السياسية وحراكها يحتوي قصورًا، مما قد يؤدي إلى إما قبول مصر بتنازلات وتآكل في المكانة الجيوثقافية، أو توريطها في رد الفعل الخشن العسكري.
وأشار “الجوهري” إلى أن استراتيجية دونالد ترامب ونتنياهو تجاه مصر تتمثل في إما تآكل المكانة وتفكيك السردية التاريخية والإهانة السياسية، أو التوريط في رد الإهانة السياسية الناعمة من خلال القوة الخشنة في ظرف اقتصادي شديد التأزم، ومن ثم تأتي تصرفاته الحالية في غزة وجملة الأحداث في هذا السياق.
ونوه “الجوهري” بأن مصر تحتاج بشدة إلى مزيد من الحلول السياسية الناعمة للرد على ترامب ونتنياهو، ورد الصاع لهما صاعين، وتفويت الفرصة عليهما في جر مصر لمواجهة خشنة في وقت يمكن الرد عليهما فيه بأدوات الصدام السياسي والدبلوماسي، وهذه نقطة ضعف السياسة المصرية الخارجية حاليًا، نتيجة لحصار السردية المصرية وارتباكها بين تناقضات القرن الماضي ومستجدات القرن الجديد.
وأشار “الجوهري” إلى أن مصر تتأخر في الرد السياسي الناعم وقدراته المتعددة على الحصار والمناورة، حيث يدفع البعض باتجاه الرد الخشن العسكري، لكن لابد من استخدام آليات التصعيد السياسي محليًا أو ثنائيًا بين مصر و”إسرائيل”، وإقليميًا في المؤسسات القارية وما شابهها، وأمميًا في المؤسسات ذات الصلة، فنحن متراجعون كثيرًا في هذا الأمر، ونعلي من شأن التصعيد العسكري ونبتلع الطعم الأمريكي الإسرائيلي.
وأكد “الجوهري” أن التصعيد السياسي ليس خوفًا أو رهبة أبدًا، فنحن جميعًا واثقون في قواتنا المسلحة وتفهمها الصحيح للموقف الراهن والاستعداد لاحتمالاته بما تستحق، لكن البعد السياسي والسردية المصرية الجيوثقافية على عكس المستوى العسكري تعاني من قصور شديد وتمثل نقطة ضعف كبرى.