ذكرى وفاة محمد عبد المطلب وتأثيرها في إطلاق أغنية “ساكن في حي السيدة” التي غيرت مسيرته الفنية

اليوم نحتفل بذكرى وفاة محمد عبد المطلب، الذي يُعتبر أحد أبرز أعمدة الطرب الشعبي في مصر والعالم العربي، حيث ارتبط صوته بوجدان الناس وبحكاياتهم اليومية.

ذكرى وفاة محمد عبد المطلب وتأثيرها في إطلاق أغنية “ساكن في حي السيدة” التي غيرت مسيرته الفنية
ذكرى وفاة محمد عبد المطلب وتأثيرها في إطلاق أغنية “ساكن في حي السيدة” التي غيرت مسيرته الفنية

لم يكن مجرد مطرب يردد مواويل وأغانٍ عاطفية، بل كان صوت الشارع المصري بكل ما يحمله من فرح وحنين ووجع.

رحل في 21 أغسطس عام 1980، ولكن أغانيه ما زالت تعيش بيننا حتى اليوم، لتؤكد أن الفن الصادق لا يموت.

ذكرى وفاة محمد عبد المطلب وبداياته الأولى

وُلد في 13 أغسطس عام 1910 بقرية شبراخيت في محافظة البحيرة، في بيئة ريفية بسيطة، حيث أرسله والده لحفظ القرآن الكريم في الكتاب، لكن الموهبة الفنية كانت أقوى من أي خطة أخرى.

كان يهرب من دروسه ليجلس في مقهى الخواجة إسكندر ليستمع إلى المواويل والآلات الشعبية، فتعلّم من صوت المطرب عبد اللطيف البنا وأجواء الأفراح الشعبية التي شكّلت وجدانه الفني الأول.

ومع مرور الوقت، ازداد شغفه بالغناء، فانتقل إلى القاهرة بحثًا عن فرصة، وهناك التقى الموسيقار داود حسني الذي اكتشف موهبته ووجّهه لصقل صوته.

نصحه بالانتظار عامًا كاملًا قبل أن يقف أمام الجمهور، فاستغل هذه الفترة في رفع الأذان بأحد المساجد.

بعد عام، قدّمه داود حسني لأول مرة على مسرح الأزبكية، وكانت البداية التي قادته لاحقًا إلى الانضمام لفرقة بديعة مصابني والغناء إلى جوار فريد الأطرش.

أغاني خالدة صنعت اسمه

قدّم محمد عبد المطلب أكثر من 500 أغنية وموال، لكن بعض الأعمال ظلت علامات فارقة في مسيرته، مثل:

“رمضان جانا” التي أصبحت أيقونة مرتبطة بقدوم الشهر الفضيل.

“بتسأليني بحبك ليه” التي كانت انطلاقته الكبرى.

“يا ليلة بيضا” و”يا حاسدين الناس” و”أهل المحبة”.

“ساكن في حي السيدة”، الأغنية التي تحمل وراءها قصة خاصة ما زالت تُروى حتى اليوم.

كما خاض تجربة السينما وشارك في أفلام ناجحة مثل “تاكسي حنطورة” و”5 شارع الحبايب”، بجانب أعمال مسرحية أعطت بعدًا مختلفًا لمسيرته.

قصة وراء أغنية “ساكن في حي السيدة”

من أجمل اللقطات في حياة عبد المطلب، القصة التي رافقت أغنيته الشهيرة “ساكن في حي السيدة وحبيبي ساكن في الحسين”.

في إحدى حفلاته بدار الأوبرا، ارتبك عبد المطلب أمام الجمهور الأنيق وتوقف صوته فجأة، ليُسدل الستار على المسرح.

أصيب بصدمة كبيرة وقرر التوقف عن الغناء مؤقتًا، وخلال تلك الفترة وجد في مسجد الحسين والسيدة زينب ملاذًا يمده بالقوة الروحية.

وعندما استعاد صوته بعد فترة، طلب من الشاعر زين العابدين أن يكتب له أغنية تُجسد هذه التجربة، فجاءت كلمات “ساكن في حي السيدة”.

لحنها محمد فوزي، ومنذ ذلك الوقت أصبحت الأغنية واحدة من أيقونات التراث المصري.

عبد المطلب بين النقد والدفاع عن نفسه

في السبعينيات، وُجهت انتقادات لعبد المطلب بعد امتلاكه ملهى ليليًا في شارع الهرم، اعتبر البعض أن هذا يسيء لتاريخه الفني، لكنه رد بثقة قائلا إنه مكان فني محترم، يستضيف فيه جمهوره ويقدّم الغناء بصدق.

أكد أن ما فعله لم يكن بحثًا عن المال بل حفاظًا على فنه وحرية اختياراته، رافضًا الانصياع لأي ضغوط.

تكريمات وإنجازات

لم يكن عبد المطلب مطربًا شعبيًا عابرًا، بل كان مدرسة خرج منها عدد من الأصوات الكبيرة مثل محمد رشدي وشفيق جلال.

منحه الرئيس جمال عبد الناصر وسام الجمهورية تقديرًا لعطائه الفني.

وقد استحق عن جدارة لقب “سلطان المواويل” بفضل صوته القوي وقدرته على نقل المشاعر البسيطة بصدق عفوي.

رحيل عبد المطلب وإرثه الباقي

رحل محمد عبد المطلب في 21 أغسطس 1980، في هدوء يتناقض مع ضجيج أغانيه التي كانت تملأ الأفراح والشوارع.

لكن صوته لم يرحل، فما زالت أغانيه تتردد في المناسبات، وما زال “رمضان جانا” يعلن قدوم الشهر الكريم في كل بيت عربي، وترك إرثًا يتجاوز حدود الأغاني، إرثًا من الصدق الفني الذي يجعل الجمهور يشعر أن صوته صوته، وأن كلماته جزء من حياته.

عبد المطلب واللقاء الطريف مع عبد الحليم

من الطرائف التي لا تُنسى، ما جرى في إحدى حفلات الزقازيق عام 1962، حين قدّم عبد الحليم حافظ صديقه عبد المطلب للجمهور، قائلًا مازحًا: “إزاي تروح لحبيبك مرتين في اليوم وأنت ساكن في حي السيدة وهو في الحسين؟ ده مشوار طويل يا طِلب.. كفاية مرة واحدة!”، فضحك الجمهور وصفق بحرارة، هذه اللقطة تعكس مكانة عبد المطلب بين زملائه وحب الناس له