تحل اليوم ذكرى ميلاد هدى سلطان المئوية، الأيقونة اللامعة في عالم الفن المصري والعربي، حيث ولدت في 15 أغسطس 1925 بقرية كفر أبو جندي بمحافظة الغربية، لتصبح واحدة من أبرز نجمات الغناء والتمثيل في القرن العشرين.

مقال مقترح: بسنت شوقي تكشف عن تحديات أدوارها بسبب مظهرها وتأثير زواجها من فراج على مسيرتها الفنية
لم تكن هدى مجرد فنانة عابرة، بل كانت رمزًا للمرأة القوية التي كسرت القيود الاجتماعية، وفرضت حضورها في السينما والمسرح والتلفزيون بصوتها العذب وأدوارها الخالدة.
ذكرى ميلاد هدى سلطان.. بداية الحلم من قرية صغيرة
ولدت باسم بهيجة عبد العال الحو، في أسرة ريفية محافظة، حيث كان والدها فلاحًا صارمًا، بينما كانت والدتها سيدة بسيطة دعمت أحلام أبنائها في الخفاء.
منذ طفولتها، برزت موهبتها في الغناء خلال حفلات المدرسة، لكن البيئة المحيطة لم تسمح لها بإظهار ذلك علنًا، خاصة أمام شقيقها الفنان محمد فوزي الذي كان يخشى على سمعتها، ورفض دخولها الوسط الفني.
ورغم معارضة الأسرة، استطاعت هدى أن تتسلل إلى عالم الفن عبر الإذاعة المصرية عام 1949، بعدما اكتشفها الملحن أحمد عبد القادر، ثم تبنّاها موسيقيون كبار مثل رياض السنباطي، الذي أتاح لها فرصة المشاركة في فيلمه الوحيد “حبيب قلبي” عام 1952.
هدى سلطان.
خلاف عائلي تحول إلى صلح مؤثر
وصل الخلاف مع شقيقها محمد فوزي في وقت ما إلى حد القطيعة والتهديد، لكنها لم تتراجع، واستمرت في شق طريقها حتى أصبحت اسمًا لامعًا، وعاد الدفء إلى العلاقة قبل وفاة فوزي، حين استقبلها بالأحضان وأهداها لحن “لاموني وارتضيت باللوم”، في مشهد إنساني مؤثر ظل محفورًا في ذاكرتها.
مشوار فني نصف قرن من التألق
على مدار أكثر من خمسين عامًا، قدّمت هدى سلطان عشرات الأفلام التي تنوعت بين الرومانسية والاجتماعية والتراجيدية، من أبرزها: “الفتوة”، “امرأة في الطريق”، “نساء محرمات”، “سر امرأة”، “الاختيار”، “عودة الابن الضال”، و”وداعا بونابرت”
وفي الدراما التلفزيونية، تألقت في مسلسلات مثل “الوتد”، “ليالي الحلمية”، “أرابيسك”، “الليل وآخره”، و”زيزينيا”، حيث جسدت أدوار الأم المصرية والمرأة الصلبة بأسلوب لا ينسى.
مواضيع مشابهة: متى يبدأ عرض الموسم السابع من مسلسل المؤسس عثمان وأحدث ترددات القنوات العربية والتركية الناقلة؟
هدى سلطان.
شخصية متمردة على الشاشة وخارجها
بدأت هدى بأدوار الفتاة الرقيقة، لكنها سرعان ما تحولت إلى تجسيد أدوار المرأة القوية وصاحبة القرار، كما في فيلم “امرأة على الطريق” عام 1958 الذي شكّل نقطة تحول في مسيرتها.
كانت تهتم بكل تفاصيل شخصياتها، حتى ملابسها التي كانت تصممها بنفسها، لتمنح كل دور طابعًا خاصًا بها.
موسيقيون كبار أشادوا بموهبتها
وصفها الموسيقار محمد الموجي بأنها صاحبة صوت قوي وبارع، فيما أكد رياض السنباطي أنها تملك موهبة متفردة، حتى وإن لم تركز على مشروع غنائي صِرف، حيث كانت اختياراتها للأغاني تخدم أدوارها الفنية أكثر من سعيها لأن تكون مطربة منفردة.
هدى سلطان.
قصة الاسم الفني
في أحد لقاءاتها، روت هدى سلطان أن المحامية مفيدة عبد الرحمن هي من اقترحت تغيير اسمها من “بهيجة” إلى “هدى”، وأضافت إليه “سلطان” بعد أن رأته اسمًا جذابًا ورنانًا، ليصبح بعدها واحدًا من أشهر الأسماء في تاريخ الفن المصري.
الحياة الشخصية.. خمس زيجات وأشهرها مع فريد شوقي
تزوجت هدى سلطان خمس مرات، أشهرها من الفنان فريد شوقي الذي أنجبت منه ابنتين، ناهد ومها، كما تزوجت من فؤاد الأطرش، المنتج فؤاد الجزايرلي، والمخرج حسن عبد السلام.
علاقاتها الشخصية كثيرًا ما كانت حديث الصحافة، لكنها ظلت تحتفظ بخصوصية حياتها قدر الإمكان.
رحيل جسد وبقاء إرث فني
في 5 يونيو 2006، رحلت هدى سلطان عن عمر 81 عامًا بعد صراع مع سرطان الرئة، بعد أسابيع قليلة من وفاة ابنتها مها، في حدث حزين هز الوسط الفني، ورغم رحيلها، بقيت أعمالها شاهدة على قدرتها الفريدة على التمثيل والغناء، وحاضرة في ذاكرة الجمهور حتى اليوم.
هدى سلطان.
إرث لا يُمحى بعد قرن من الميلاد
بعد مرور 100 عام على ميلادها، ما زال اسم هدى سلطان حاضرًا بقوة في تاريخ الفن العربي، كرمز للمرأة المبدعة التي تخطت الحواجز الاجتماعية، وصنعت لنفسها مكانة لا ينافسها عليها أحد.
صوتها وأدوارها أصبحت جزءًا من ذاكرة الأجيال، وذكراها اليوم ليست مجرد احتفال بميلاد فنانة، بل تذكير بقصة كفاح وإبداع ملهمة.
تعليقات