أعلنت شبكة الجزيرة مساء الأحد عن استشهاد أنس الشريف، مراسلها في غزة، إلى جانب زميله محمد قريقع، في قصف استهدف خيمة للصحفيين في غزة أمام مستشفى الشفاء، شمال القطاع.
الحادثة، التي هزّت الوسط الصحفي العربي والدولي، أسفرت أيضًا عن استشهاد المصورين إبراهيم ظاهر ومحمد نوفل، ليرتفع بذلك عدد الصحفيين الذين ارتقوا أثناء تغطية الحرب المستمرة منذ نحو 22 شهرًا.
استشهاد أنس الشريف.
بحسب ما نقل مدير مجمع الشفاء الطبي، فإن القصف الإسرائيلي استهدف بشكل مباشر الخيمة التي كان يتواجد فيها الصحفيون لتوثيق المشهد الميداني.
وأكدت مصادر الجزيرة أن محمد قريقع مراسل الجزيرة في غزة كان يواصل تغطية الأحداث لحظة بلحظة، متحدّياً القصف والحصار، حتى لحظة استهدافه.
صورة الصحفي التي انتشرت بعد استشهاده جسدت مسيرة مهنية اتسمت بالشجاعة والإصرار على نقل الحقيقة من قلب الخطر.
منذ بداية الحرب، لم يتوقف الصحفي أنس الشريف عن التوجه إلى المناطق المستهدفة شمال غزة، ليكون شاهدًا على الجرائم والانتهاكات.
الأمر ذاته فعله زميله محمد قريقع، الذي عُرف بدوره في تغطية المعاناة الإنسانية، وخاصة في المستشفيات ومخيمات النزوح.
كانت لقطاتهما وتقاربهما الإنساني من الناس، سببًا في تعاطف الجمهور العربي والعالمي مع ما يجري في القطاع، وأيضًا سببًا في وضعهما في دائرة الاستهداف.
استشهاد أنس الشريف.
القصف الذي أودى بحياة الزملاء الأربعة لم يكن حادثًا عشوائيًا، بل جاء بعد أشهر من التحريض الإسرائيلي ضد أنس الشريف بشكل خاص.
حيث نشر جيش الاحتلال ومؤسساته الإعلامية مزاعم بأنه “قيادي ميداني” في حماس ومسؤول عن إطلاق صواريخ، وهي اتهامات نفتها المؤسسات الصحفية، واعتبرتها غطاءً لتبرير استهداف الصحفيين.
شهود عيان أكدوا أن موقع الخيمة كان معروفًا للجميع، وأنها كانت مزودة بشارات واضحة تشير إلى أنها خاصة بالإعلاميين.
في مشهد مؤثر، ودّع والد أنس الشريف نجله وسط دموع الحزن والفخر، مؤكدًا أن ابنه “عاش حرًا ومات حرًا”، وأن رسالته الصحفية ستظل حية.
أما زوجة أنس الشريف، فكانت كلمتها الأخيرة تعبيرًا عن صلابة المرأة الفلسطينية: “أنس كان صوت الناس، واليوم صار شهيدًا ليكمل رسالته من عند الله”
استشهاد أنس الشريف.
منذ أشهر، كان الصحفي أنس الشريف هدفًا لحملات التحريض، خاصة بعد تغطيته المكثفة للمجازر شمال غزة.
منظمات دولية مثل “لجنة حماية الصحفيين” و”مراسلون بلا حدود” حذرت مرارًا من تعرّضه للخطر، بعد أن تم ذكره بالاسم من قبل المتحدث باسم جيش الاحتلال.
التحريض لم يكن معزولًا، بل جزءًا من سياسة أوسع تهدف إلى إسكات الصحافة المستقلة في غزة.
انتشرت على مواقع التواصل صورة الصحفي أنس الشريف وهو يحمل الكاميرا وسط الدمار، وكأنها وصيته الأخيرة: “انقلوا الحقيقة مهما كان الثمن”
الصورة تحولت إلى أيقونة تعبر عن نضال الصحفيين في مناطق النزاع، وعن أن الحقيقة قد تُغتال جسديًا لكنها تظل حية.
إقرأ أيضًا..
جيش الاحتلال الإسرائيلي اعترف رسميًا باغتيال أنس الشريف، لكنه برر ذلك باتهامات سياسية، في محاولة لتبرير استهداف المدنيين والعاملين في المجال الإعلامي.
هذه الرواية الإسرائيلية قوبلت برفض واسع من قبل المنظمات الحقوقية التي أكدت أن استهداف الصحفيين جريمة حرب بموجب القانون الدولي.
وفق إحصائيات مراسلون بلا حدود، استشهد نحو 200 صحفي منذ بداية الحرب، بينهم 45 على الأقل أثناء أداء مهامهم الميدانية.
استشهاد أنس الشريف ومحمد قريقع ليس حادثة فردية، بل جزء من سياسة إسرائيلية لإغلاق المجال أمام الصحافة.
فالحصار الإعلامي المفروض على غزة منذ بداية الحرب، ومنع دخول الصحفيين الأجانب، إضافة إلى الرقابة الصارمة على المعلومات، يهدف إلى منع كشف الحقيقة للعالم.
رغم ذلك، ظل الصحفيون الفلسطينيون يعملون بأدوات محدودة، وإمكانات شبه معدومة، لتوثيق المعاناة الإنسانية.