شخصية شهيرة على تيك توك تكشف عن عروض تبييض الأموال الغامضة التي تعرضت لها

تدور في أروقة النيابة العامة المصرية هذه الأيام واحدة من أكثر القضايا إثارةً للجدل، حيث تم الكشف عن شبكة كبيرة من صناع المحتوى على تطبيق «تيك توك» المتهمين بالتورط في عمليات غسل أموال منظمة، وفي مقدمتهم تأتي «سوزي الأردنية»، التي أصبح اسمها يتردد بشكل واسع بعد أن كشفت التحقيقات عن حجم الأموال الطائلة التي حققتها من نشاط اعتبرته جهات التحقيق “مسيئًا لقيم المجتمع”، عقب استثمار ممنهج في العقارات لإضفاء صبغة مشروعة على أرباح غير قانونية.

شخصية شهيرة على تيك توك تكشف عن عروض تبييض الأموال الغامضة التي تعرضت لها
شخصية شهيرة على تيك توك تكشف عن عروض تبييض الأموال الغامضة التي تعرضت لها

15 مليون جنيه مصدرها فيديوهات مثيرة للجدل

وفقًا لتحريات قطاع مكافحة جرائم الأموال العامة والجريمة المنظمة، فقد تمكنت “سوزي الأردنية” من تحقيق أرباح تجاوزت 15 مليون جنيه من خلال مقاطع فيديو تستهدف جذب المشاهدات عبر محتوى مثير للجدل، وقد وصفه المحققون بأنه يخرق القيم الأخلاقية ويهدف لجني الأموال بطريقة غير مشروعة، وتشير أوراق القضية إلى محاولات لإخفاء مصدر هذه الأموال عبر شراء وحدات سكنية داخل مصر، في محاولة لإظهارها وكأنها نتاج أنشطة قانونية.

شبكة تضم شاكر محظور ومداهم وأم مكة

لم تكن “سوزي الأردنية” الوحيدة في دائرة الاتهام، فقد كشفت مصادر قضائية أن التحقيقات تشمل عددًا آخر من “التيك توكرز”، أبرزهم “شاكر محظور”، و”مداهم”، و”أم مكة”، و”أم سجدة”، و”محمد عبد العاطي”، حيث أمرت النيابة بفحص حساباتهم البنكية، المحلية والدولية، ومراجعة أملاكهم وأصولهم المالية لتتبع مسارات الأموال المشبوهة.

وتشتبه الجهات المختصة في قيام هؤلاء بإعادة تدوير الأموال المتحصلة من البث المباشر والهدايا الرقمية عبر معاملات مالية تهدف إلى إخفاء مصدرها الأصلي، مما يضعهم تحت طائلة قانون مكافحة غسل الأموال رقم 80 لسنة 2002.

الدفاع: لا دليل مادي ضد سوزي

من جهة أخرى، نفى محامي “سوزي الأردنية” صحة الاتهامات، مؤكدًا أن موكلته خضعت للتحقيقات وتعاونت بشكل كامل، وأن فريق الدفاع بصدد تقديم مستندات لإثبات مصدر الأموال ونزاهة موقفها القانوني.

“تيك توك”.. منصة ترفيه أم ممر لغسل الأموال؟

تطرح التحقيقات الجارية تساؤلات كبيرة حول آليات عمل تطبيق “تيك توك”، الذي تحول إلى ساحة تنافس لجمع الهدايا والماس الافتراضي، والتي تُحول لاحقًا إلى أموال حقيقية، وبحسب مصادر داخل سوق المحتوى الرقمي، فإن حجم التداول اليومي داخل التطبيق يتجاوز 11 مليون دولار عالميًا، مما يجعله بيئة خصبة لمرور الأموال غير المشروعة في شكل دعم وهدايا رقمية.

ويؤكد خبراء أن بعض هذه “الهدايا” يتم إرسالها عبر بطاقات مسروقة أو حسابات وهمية، تم شراؤها من منصات السوق السوداء مثل “الدارك ويب”، ليتم لاحقًا تحويلها إلى أموال نقدية في حسابات صناع المحتوى.

“زئير الأسد” و”أنين الحوت”: رنين الدولار في تيك توك

بينما قد يبدو الأمر مجرد تسلية للبعض، فإن أصوات مثل “زئير الأسد” أو “صياح الصقر” باتت رمزًا لتدفق الأموال على البثوث المباشرة، فكل صوت من تلك الهدايا يعني تحويل دولارات إلى حسابات صناع المحتوى، وقد تحول نظام الدعم في “تيك توك” إلى ساحة تنافسية لا تعتمد فقط على عدد المتابعين، بل أيضًا على “الداعمين” الذين يملكون مستوى عالي من الشراء.

وفي شهادة مثيرة، كشف “نادر أحمد”، أحد مشاهير التطبيق، أن حسابات مجهولة تواصلت معه للمشاركة في عمليات “تبييض أموال” مقابل نسب مالية، لكنه رفض العرض، مضيفًا أن بعض الحسابات الداعمة اختفت بعد فترة، مما يثير الشكوك حول نشاطها غير المشروع.

غسل الأموال: خطر يهدد الاقتصاد الوطني

وفقًا للقانون المصري، فإن عقوبة جريمة غسل الأموال تصل إلى السجن سبع سنوات وغرامة مالية تصل إلى خمسة ملايين جنيه أو ما يعادل قيمة الأموال محل الجريمة، بالإضافة إلى مصادرة الأموال والأدوات المستخدمة فيها، ويعتبر هذا النوع من الجرائم من أخطر الجرائم الاقتصادية، نظرًا لارتباطه بجرائم أخرى مثل الاتجار في المخدرات والأسلحة والجريمة المنظمة والجرائم الإلكترونية.

5 محامين عرب ينضمون للدفاع عن شاكر محظور.. والاتهامات تتصاعد

في تطور لافت ضمن قضية “التيك توكرز” المتهمين بغسل الأموال ونشر محتوى غير لائق، كشف المحامي المصري أحمد مهران عبر صفحته الرسمية انضمام خمسة محامين عرب إلى فريق الدفاع عن البلوجر المعروف باسم “شاكر محظور”، حيث وصل ثلاثة منهم إلى القاهرة بالفعل، في انتظار التصاريح الرسمية من نقابة المحامين المصرية ووزارة العدل.

وبحسب تصريحات مهران، فإن “شاكر محظور” يواجه حزمة من التهم الخطيرة، من بينها:

  • نشر محتوى خادش للحياء العام
  • إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي
  • حيازة سلاح ناري بدون ترخيص
  • حيازة مواد مخدرة (حشيش وآيس) بقصد التعاطي
  • التحقيق في مصادر تمويله ومحتوى هاتفه المحمول

المثير للانتباه هو الاعتماد الكامل على محامين من خارج مصر، رغم وجود قامات قانونية مصرية مشهود لها بالكفاءة، مما يطرح تساؤلات حول خلفية هذا القرار: هل هو استعراض إعلامي؟ أم أن هناك اعتبارات دولية أو قانونية أخرى لم تتكشف بعد

منصة عالمية تحت المجهر

تأتي هذه التطورات في وقت يحتل فيه “تيك توك” مكانة متقدمة في قائمة أكثر التطبيقات تحقيقًا للإيرادات عالميًا، خاصة بعد إدخال ميزة البث المباشر عام 2019، لكن هذه الشعبية الكبيرة جلبت معها تحديات قانونية ورقابية معقدة، إذ أصبح التطبيق منفذًا جديدًا لتبييض الأموال العابرة للحدود، لا سيما في ظل غياب آليات رقابة صارمة على الهدايا الرقمية وتحويلاتها.

تظهر التحقيقات الجارية مع “سوزي الأردنية” وآخرين وجهًا مظلمًا لصناعة المحتوى الرقمي، حيث تتداخل الشهرة مع المال والاشتباه في الجرائم المالية، وبينما تواصل النيابة العامة كشف خيوط القضية، يظل السؤال المطروح: هل نحن أمام حادثة فردية، أم شبكة منظمة تسللت إلى المنصات الاجتماعية تحت غطاء البثوث الترفيهية؟