مع تزايد المخاطر الاقتصادية.. توقعات تاريخية لأسعار الذهب من مؤسسات مالية بارزة

في ظل الاضطرابات المتزايدة التي تشهدها الأسواق العالمية، وتزايد المخاوف المرتبطة بالتضخم والركود وتوترات التجارة الدولية، عاد الذهب ليظهر كـ”ملاذ آمن” للمستثمرين، مما دفع كبرى المؤسسات المالية الدولية إلى إعادة تقييم توقعاتها المستقبلية لهذا المعدن الثمين، وسط مؤشرات على قفزات محتملة في أسعاره خلال الأشهر القادمة.

مع تزايد المخاطر الاقتصادية.. توقعات تاريخية لأسعار الذهب من مؤسسات مالية بارزة
مع تزايد المخاطر الاقتصادية.. توقعات تاريخية لأسعار الذهب من مؤسسات مالية بارزة

وبعد أن كانت النظرة السابقة تميل إلى التحفظ، أظهرت التقديرات الجديدة تحولًا واضحًا في الرؤية المستقبلية، مدفوعة بعدة عوامل، من أبرزها التباطؤ في الاقتصاد الأميركي، وارتفاع الضغوط التضخمية، وتزايد التوترات الجيوسياسية، بالإضافة إلى إشارات قوية لاحتمال خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي.

سيتي غروب ترفع توقعاتها إلى مستوى قياسي

في أحدث تقرير لها، قامت سيتي غروب بمراجعة توقعاتها السابقة لأسعار الذهب، حيث توقعت الآن أن يتراوح سعر الأونصة بين 3300 و3600 دولار خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، وهو ما يمثل مستويات تاريخية غير مسبوقة.

ويعزو التقرير هذا الاتجاه الصاعد إلى الرسوم الجمركية المرتفعة في الولايات المتحدة، والتي تجاوزت التوقعات بنسبة 15%، بالإضافة إلى المخاوف من ركود اقتصادي أميركي طويل الأمد نتيجة لتشديد السياسات النقدية وارتفاع أسعار الفائدة خلال الأعوام الثلاثة الماضية.

وكتب محللو “سيتي” في مذكرة بحثية صدرت يوم الاثنين الماضي: “كانت السوق قلقة بشأن ركود اقتصادي أميركي نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة على مدار السنوات الثلاث الماضية، مما دفعها إلى شراء الذهب للتحوط من مخاطر التراجع، ومن المرجح أن هذا الخوف ازداد خلال الأشهر الستة الماضية في ظل أجندة الرئيس ترامب التجارية الأضخم منذ قرن”

وكانت التوقعات السابقة للمؤسسة في يونيو الماضي تشير إلى أن سعر الذهب سيبقى دون 3000 دولار للأونصة في الأرباع القادمة، مما يبرز حدة التحول في موقف البنك خلال الفترة القصيرة الماضية.

الاتجاه الصاعد مدعوم بترقب الأسواق

وقد سجل الذهب في أبريل الماضي أعلى مستوياته التاريخية بتجاوزه 3500 دولار للأونصة، قبل أن يشهد استقرارًا نسبيًا خلال الأشهر التالية، مع ترقب المستثمرين لاتجاهات السوق والسياسات النقدية المستقبلية.

ويرى محللو “سيتي” أن التوقعات السابقة التي تراوحت بين 3150 و3500 دولار للأونصة “أثبتت نجاحها”، لكنها قد تصبح أقل تحفظًا مقارنة بالتقديرات الجديدة التي تأخذ في الاعتبار عوامل التضخم والسياسات الحمائية المتزايدة.

غولدمان ساكس وفيديليتي.. توقعات أكثر تفاؤلاً

يتوافق تحول “سيتي غروب” مع رؤى عدد من المؤسسات الأخرى ذات التأثير في الأسواق، مثل غولدمان ساكس وفيديليتي إنترناشونال، واللتين أظهرتا توقعات أكثر تفاؤلًا بشأن الذهب على المدى القصير، مدفوعة بالتقلبات الجيوسياسية وازدياد شهية المستثمرين للأصول الآمنة.

تحفظ نسبي للعام 2026

رغم التوقعات الإيجابية للمدى القريب، إلا أن “سيتي” تبدي حذرًا تجاه أداء الذهب في عام 2026، مشيرة إلى احتمالات انتهاء فترة توقف التوظيف في الولايات المتحدة، وتحسن بيئة الأعمال في ظل تشريعات جديدة محتملة، أبرزها ما وصفه المحللون بـ”مشروع قانون واحد كبير وجميل”، مما قد يُعيد التوازن إلى الأسواق ويقلص من جاذبية الذهب كمخزن للقيمة.

هل الذهب مستعد لاختراق مستويات جديدة؟

يرى خبراء أن التقديرات الجديدة من كبرى المؤسسات العالمية تعكس تحولًا استراتيجيًا في تقييم المخاطر العالمية، مع اعتبار الذهب أداة أساسية في مواجهة التضخم والركود المحتمل.

ويبدو أن الأسواق ستراقب عن كثب قرارات الاحتياطي الفيدرالي القادمة، إلى جانب تطورات السياسات التجارية الأميركية، التي قد تحدد المسار الحقيقي للذهب خلال ما تبقى من عام 2025.