تُعتبر زيارة وفد البنك المركزي الكيني إلى البنك المركزي المصري خطوة استراتيجية تعكس اهتمامًا مشتركًا بتعزيز الأمن السيبراني في القطاع المالي، مما يفتح آفاقًا واسعة للتعاون الاقتصادي بين البلدين، ويمكن أن تشكل هذه الزيارة نقطة انطلاق لرؤية اقتصادية أوسع ترتكز على محورين أساسيين هما تصدير الخبرة المصرية وتعميق الشراكة الإقليمية.
تُظهر الزيارة أن مصر حققت تقدمًا ملحوظًا في مجال الأمن السيبراني، خصوصًا من خلال مركز EG-FinCIRT، ويمكن أن تتحول هذه الخبرة إلى قيمة اقتصادية مضافة من خلال:
• برامج تدريب وتأهيل، حيث يمكن للبنك المركزي المصري، بالتعاون مع الجهات المختصة، إنشاء برامج تدريبية متقدمة للمتخصصين الأفارقة في الأمن السيبراني، هذا النموذج يمكن أن يُدر دخلًا لمصر ويُعزز من مكانتها كمركز إقليمي للخبرة في هذا المجال.
• كما يُمكن تقديم خدمات استشارية للقطاع المالي في كينيا ودول إفريقية أخرى لتطوير مراكز مماثلة، ما يُعزز من دور مصر الريادي في بناء بنية تحتية رقمية آمنة على مستوى القارة.
• مع تزايد الاعتماد على حلول التكنولوجيا المالية، يصبح الأمن السيبراني أساسيًا، يمكن لمصر وكينيا التعاون في تطوير معايير أمنية مشتركة للمنصات الرقمية وتطبيقات الدفع، ما يُشجع على نمو هذا القطاع بشكل آمن ويُعزز الثقة في الأنظمة المالية الرقمية.
تُعتبر كينيا من الاقتصادات الإفريقية الواعدة، والتعاون معها في هذا المجال الحيوي يُمهّد الطريق لشراكات أوسع، يمكن أن تشمل الرؤية الاقتصادية المستقبلية ما يلي:
• تسهيل التبادل التجاري والاستثماري من خلال تعزيز الثقة في الأنظمة المالية الرقمية للبلدين، يُصبح من الأسهل على الشركات المصرية والكينية إجراء المعاملات المالية، ما يُقلل من تكاليف التجارة ويُعزز من حجم التبادل التجاري المباشر.
• تأسيس آليات دفع إقليمية، بناءً على الخبرات المكتسبة في الأمن السيبراني، يمكن للبنكين المركزيين العمل على إنشاء آليات دفع مشتركة تُتيح إجراء التحويلات المالية بين البلدين بشكل أسرع وأكثر أمانًا، هذا يُقلل من الاعتماد على العملات الأجنبية ويُعزز من مكانة العملات المحلية في التجارة الإقليمية.
• جذب الاستثمارات المشتركة، حيث يمكن للخبرة المشتركة في الأمن السيبراني أن تجذب استثمارات في قطاع التكنولوجيا المالية من شركات عالمية تسعى للعمل في بيئة مالية آمنة وموثوقة، ويُمكن لمصر وكينيا العمل كبوابة استثمارية واحدة لشركات التكنولوجيا التي تستهدف السوق الإفريقية.
باختصار، تُعتبر زيارة الوفد الكيني فرصة لإظهار قدرات مصر الاقتصادية والتقنية، وتُقدم نموذجًا للتعاون الإقليمي الذي لا يقتصر فقط على تبادل الخبرات، بل يمتد ليشمل بناء شراكات اقتصادية قوية ومستدامة، هذا النهج لا يُعزز من الأمن المالي في إفريقيا فحسب، بل يُمهد الطريق أيضًا لنمو اقتصادي مشترك يعود بالنفع على البلدين والقارة بأسرها.