يصادف اليوم ذكرى ميلاد سعيد صالح، أحد أعظم نجوم الكوميديا والمسرح في تاريخ الفن المصري، حيث وُلد في 31 يوليو عام 1940، ورغم مرور أكثر من عشر سنوات على رحيله، إلا أن اسمه لا يزال يتردد في قلوب محبيه من جمهور المسرح وعشاق السينما.

مواضيع مشابهة: كريم مغاوري يتعرض لوعكة صحية ويجري عملية جراحية معقدة في المعدة.. إليكم آخر مستجدات حالته الصحية!
تميز سعيد صالح بضحكته العذبة وروحه المرحة، لكن الأهم أنه ظل طوال مسيرته الفنية يقدم أعمالًا تعكس واقع المواطن البسيط بشكل تلقائي ومؤثر.
ذكرى ميلاد سعيد صالح.. بداية رحلة من الريف إلى المسرح
في ذكرى ميلاده، نسترجع قصة فنان بدأ رحلته من الريف، تحديدًا من محافظة المنوفية، حيث وُلد عام 1940 (توجد بعض المصادر التي تشير إلى عام 1938)، ليلتحق بعد ذلك بجامعة القاهرة ويحصل على ليسانس الآداب عام 1960.
انتقل بعد الجامعة إلى عالم الفن، وبدأ خطواته الأولى في المسرح بدعم من الفنان حسن يوسف، الذي قدمه إلى “مسرح التلفزيون”.
لم تكن بدايته سهلة، لكنه سرعان ما أثبت موهبته، خاصة بعد ظهوره في أول بطولة مسرحية له من خلال عرض “هالو شلبي”، الذي شارك فيه عدد من النجوم الشباب آنذاك، مثل أحمد زكي ومحمد صبحي ويونس شلبي.
مدرسة المشاغبين والعيال كبرت.. بوابة النجومية الحقيقية
رغم أن بداية “سلطان الكوميديا” كانت مع “هالو شلبي”، فإن انطلاقته الحقيقية جاءت من خلال مسرحية “مدرسة المشاغبين” التي قُدمت عام 1973، وحققت نجاحًا كبيرًا واستمر عرضها نحو 6 سنوات، وشارك فيها بجانب صديقه المقرب عادل إمام، بالإضافة إلى يونس شلبي وأحمد زكي.
لم يتوقف النجاح عند هذا الحد، بل استمر بفعل جماهيري أكبر مع مسرحية “العيال كبرت”، التي يعتبرها كثيرون أكثر نضجًا ومرحًا من سابقتها، وكرّست مكانة سعيد صالح كنجم كوميدي يصعب تجاهله.
مشوار ممتد على خشبة المسرح وأمام الكاميرا
سعيد صالح لم يكن ممثلًا عابرًا، بل قدم ما يقرب من 500 فيلم سينمائي، إلى جانب أكثر من 300 عمل مسرحي، وشارك في 42 مسلسلًا تليفزيونيًا.
ممكن يعجبك: موعد جنازة الفنان سيد صادق والصلاة في مسجد الشرطة ودفنه في الفيوم
كما خاض تجربة الغناء والتلحين في بعض العروض المسرحية، وكان دائمًا يؤمن بأن الفن الحقيقي يجب أن يصل للناس دون تصنع.
تعاون مع نجوم كبار، وعلى رأسهم عادل إمام، الذي شكل معه ثنائيًا شهيرًا في عدد من الأفلام، مثل: “سلام يا صاحبي”، و”الهلفوت”، و”زهايمر”، و”المشبوه”، وغيرها من الأعمال التي لا تزال تُعرض حتى اليوم وتحظى بجمهور واسع.
سعيد صالح.. الضحكة التي لا تموت
من يشاهد سعيد صالح على المسرح أو في السينما لا يشعر بتمثيل أو تصنع، كانت تلقائيته هي سر حب الناس له، وصدق أدائه هو ما جعله يعيش في وجدان كل من تابع فنه.
لم يعتمد فقط على الإفيه أو النكتة، بل كان يقدم كوميديا الموقف بأسلوب يعكس الواقع ويخاطب العقل والقلب معًا.
ورغم ما واجهه من صعوبات في بعض الفترات، بما في ذلك أزمات صحية واجتماعية، ظل محافظًا على حبه للمسرح والتصاقه بالجمهور حتى آخر لحظات حياته.
ابنة سعيد صالح: “كان يوم ميلاده عيدًا لكل من عرفه”
في مداخلة هاتفية حديثة، قالت هند سعيد صالح، ابنة الفنان الراحل، إن يوم 31 يوليو لم يكن مجرد تاريخ ميلاد لوالدها، بل كان يمثل “عيدًا حقيقيًا”، خاصة في محافظة الإسكندرية، حيث اعتاد تقديم عروضه المسرحية السنوية، مضيفة: “الناس كانت بتستناه كل صيف، وكان بيحب الإسكندرية جدًا”.
وأشارت إلى أن مشاعرها في هذا اليوم دائمًا ما تكون مختلطة: “نفرح بذكرياته، ونحزن لأنه ليس معنا، لأنه توفي في اليوم الذي يليه، 1 أغسطس 2014”.
من كواليس “هالو شلبي”.. اسم المسرحية تغيّر بعد وفاة ناصر
في لقاء نادر ضمن برنامج “لسه فاكر” مع الإعلامية نهال كمال، تحدث سعيد صالح عن كواليس مسرحية “هالو شلبي”، قائلاً: “كانت أول بطولة لي، وكانت فرصة جيدة لتقديم جيل جديد من الشباب بعد رحيل نجوم كبار من فرقة الفنانين المتحدين”.
وأوضح أن اسم المسرحية الأصلي كان “الوداع يا شلبي”، لكنه تغير إلى “هالو شلبي” بعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر في سبتمبر 1970، احترامًا لمشاعر الشعب في ذلك الوقت.
تواضع وبساطة خارج الكاميرا
بعيدًا عن الشهرة، كان سعيد صالح معروفًا بتواضعه الشديد وبساطته في التعامل مع الناس، قالت ابنته هند إن والدها لم يكن يعيش “في وهم النجومية”، بل كان دائمًا ينسى أنه نجم مشهور ويتعامل مع الجميع كأنهم أهله وأصدقائه، مضيفة: “كان يخرج من المسرح، ويتحدث مع أي شخص في الشارع كأنه يعرفه منذ زمن”.
وأكدت أن تلك الروح هي التي جعلته محبوبًا من الكبار والصغار، وأنه كان يرى السعادة في إضحاك الناس ورسم الابتسامة على وجوههم، لا في الشهرة أو المال.
وفاته.. صيف حزين في ذاكرة الفن
رحل سعيد صالح عن عالمنا يوم 1 أغسطس 2014، عن عمر ناهز 74 عامًا، بعد صراع مع المرض، وكانت وفاته صدمة كبيرة لجمهوره وأصدقائه وزملائه في الوسط الفني، خاصة أنه ظل حتى آخر أيامه مرتبطًا بالمسرح ومحبًا للفن.
دفن في قريته “مجيريا” التابعة لمحافظة المنوفية، وسط حزن شديد من أهالي بلدته ومحبيه في كل مكان، ورغم رحيله، لا تزال أعماله تُعرض باستمرار، ولا تزال ضحكته محفورة في أذهان الجمهور.
سعيد صالح في عيون محبيه
بعد رحيله، كتب كثيرون عنه بكلمات مؤثرة، وأجمعوا على أنه كان حالة خاصة في الكوميديا المصرية، البعض وصفه بأنه “الوجه الآخر للبساطة”، وآخرون اعتبروه “ضمير المسرح”، لأنه لم يكن يخشى أن يقول رأيه أو ينتقد الظلم في بعض مسرحياته، حتى لو كلفه ذلك أزمات.
ولعل لقبه الأشهر “سلطان الكوميديا” لم يأت من فراغ، فقد استطاع أن يبني لنفسه مكانة صلبة بين عمالقة الفن، دون أن يبالغ في استعراض موهبته أو يدّعي شيئًا لم يفعله.
تعليقات