احتفالاً بذكرى ميلاد يحيى شاهين.. اكتشف كيف أصبح «سي السيد» رمزاً للخلود من المسرح إلى الشاشة الفضية

اليوم نحتفل بذكرى ميلاد يحيى شاهين، الذي يعد من أبرز نجوم الفن المصري في القرن العشرين، حيث ارتبط اسمه بأهم وأشهر الأدوار في تاريخ السينما والدراما.

احتفالاً بذكرى ميلاد يحيى شاهين.. اكتشف كيف أصبح «سي السيد» رمزاً للخلود من المسرح إلى الشاشة الفضية
احتفالاً بذكرى ميلاد يحيى شاهين.. اكتشف كيف أصبح «سي السيد» رمزاً للخلود من المسرح إلى الشاشة الفضية

وُلد شاهين في 28 يوليو 1917 في حي ميت عقبة بالجيزة، واستمرت رحلته الفنية حتى أصبح من أعمدة التمثيل في مصر والوطن العربي، حيث قدّم أكثر من 130 عملاً في السينما والمسرح والتلفزيون.

بداية فنية واعدة في ذكرى ميلاد يحيى شاهين

في ذكرى ميلاده، يتذكر كثير من محبيه بدايته المبكرة مع الفن، حيث ظهرت موهبته لأول مرة أثناء دراسته في المرحلة الابتدائية بمدرسة عابدين، حين انضم إلى فريق التمثيل المدرسي، وتميّز بسرعة حتى أصبح قائد الفريق، ورغم حصوله لاحقًا على دبلوم الفنون التطبيقية ثم بكالوريوس هندسة النسيج، فإن شغفه الحقيقي كان في التمثيل.

انضم يحيى شاهين إلى “جمعية هواة التمثيل”، وهناك التقى بالفنان الكبير بشارة واكيم، الذي لاحظ موهبته وقدّمه إلى عالم الفن الاحترافي، وكانت تلك الخطوة الأولى نحو مشوار طويل من النجاح والنجومية.

من المسرح إلى الشاشة الكبيرة

بدأت مسيرته المهنية الحقيقية من خلال انضمامه إلى فرقة فاطمة رشدي المسرحية، حيث شارك في عدد من الأعمال الشهيرة مثل مجنون ليلى وروميو وجولييت، وقد رأته فاطمة رشدي وقتها فتى أول مناسبًا لبطولة أعمالها، وهو ما فتح له الباب أمام عالم أوسع.

انتقل بعد ذلك إلى السينما، وظهر لأول مرة بدور صغير في فيلم لو كنت غني، لكن الانطلاقة الحقيقية جاءت بعد مشاركته في فيلم سلامة أمام أم كلثوم، وهو الدور الذي لفت الأنظار إليه وأثبت قدراته في الأداء.

ثلاثية نجيب محفوظ.. محطة لا تُنسى

يُعد دوره في ثلاثية نجيب محفوظ (بين القصرين، قصر الشوق، السكرية) من أبرز الأدوار في مسيرته، حيث قدّم شخصية “أحمد عبد الجواد” المعروفة بـ”سي السيد”، ونجح في تقديمها بشكل واقعي ومؤثر، حتى أصبحت تلك الشخصية رمزًا للرجل الشرقي في السينما.

استطاع يحيى شاهين من خلال هذا الدور أن يثبت تنوعه كممثل، فبين قسوته الظاهرة في البيت وهيبته في الحارة، إلى لحظاته الإنسانية المعقدة، قدم واحدًا من أكثر الأدوار تأثيرًا في ذاكرة السينما المصرية.

أدوار متنوعة بين التاريخ والاجتماع

لم تقتصر أدوار يحيى شاهين على الدراما الاجتماعية، بل شارك أيضًا في عدد من الأعمال التاريخية والإسلامية، مثل فيلم بلال مؤذن الرسول الذي قدّم فيه دور بلال ببراعة واضحة، وكذلك دوره في فجر الإسلام بدور الفضل، حيث مزج بين الحضور الجاد والأداء التمثيلي العميق.

وفي الأعمال الاجتماعية، ترك بصمات لا تُنسى من خلال أفلام مثل:

جعلوني مجرمًا.

أين عمري.

لا أنام.

سيدة القطار.

الإخوة الأعداء.

شيء من الخوف.

ابن النيل.

كل هذه الأدوار أظهرت تنوعه كممثل لا يعتمد على نمط واحد، بل يتنقل بين الشخصيات المختلفة بثقة ومهارة.

يحيى شاهين في الدراما التلفزيونية

ورغم أنه كان نجمًا كبيرًا في السينما، فإن يحيى شاهين لم يغفل الدراما التلفزيونية، فقد شارك في أعمال مهمة منها مسلسل الأيام المأخوذ عن سيرة طه حسين، والطاحونة بجزأيه، ووفاء بلا نهاية، وغيرها من المسلسلات التي أظهرت قدراته التمثيلية في المساحات الزمنية الطويلة التي يتيحها التلفزيون.

تكريمات وجوائز في حياة حافلة

على مدار مشواره الفني، حصل يحيى شاهين على العديد من الجوائز، أبرزها وسام الجمهورية من الطبقة الثالثة، الذي منحه له الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، إضافة إلى الجائزة الذهبية التقديرية من جمعية كتاب ونقاد السينما.

كما تم تكريمه في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، ومنحته غرف السينما المصرية جائزة عن مجمل أعماله في عام 1989، وهو ما يُعد تقديرًا رسميًا لما قدّمه للفن المصري من إسهامات كبيرة لا تُنسى.

حياة شخصية هادئة رغم المحن

على الجانب الشخصي، عاش يحيى شاهين حياة متقلبة بعض الشيء، فقد تزوج من سيدة مجرية وأنجب منها ابنتين، لكنهما انفصلا بعد سنوات، ثم تزوج من السيدة مشيرة عبد المنعم، وأنجب منها ابنته الوحيدة “داليا”، واستمر زواجهما حتى وفاته.

ورغم بعض الأزمات الشخصية، كان دائمًا يحافظ على صورة هادئة ومتزنة أمام الجمهور والإعلام، ولم يدخل في أي نزاعات أو صراعات علنية، وهو ما زاد من احترام الناس له.

رحيل جسد وبقاء أثر

في يوم الجمعة 18 مارس 1994، رحل يحيى شاهين عن عمر ناهز 75 عامًا، بعد رحلة طويلة مع التمثيل، ومع رحيله، خسر الوسط الفني واحدًا من أنقى وأبرز وجوهه، لكن أعماله لا تزال تُعرض حتى اليوم وتحظى بمتابعة كبيرة من الجمهور.

سواء في دور “سي السيد”، أو في أفلامه التاريخية والدينية، أو في المسلسلات الدرامية، يبقى يحيى شاهين رمزًا من رموز الفن المصري الأصيل، وأحد الذين حافظوا على قيمة الأداء الصادق في كل ما قدّموه.