التنوع البيولوجي في خطر.. كيف يمكن أن يصبح التأمين وسيلة لحماية الطبيعة؟

مع تزايد التدهور البيئي في جميع أنحاء العالم، يبرز التنوع البيولوجي كأحد أغلى الثروات الطبيعية وأكثرها هشاشة في الوقت نفسه، فالغابات، والشعاب المرجانية، والأراضي الرطبة، والأنواع البرية تشكل عناصر أساسية في نظام بيئي متوازن، يوفر خدمات لا تقدر بثمن مثل تنقية المياه، واستقرار المناخ، وحماية السواحل، وضمان الأمن الغذائي، ومع ذلك، تشير التقارير العالمية إلى تراجع مقلق، حيث انخفضت أعداد الحيوانات البرية بنسبة 73%، وتراجعت الكائنات المائية العذبة بنسبة 85% منذ عام 1970.

التنوع البيولوجي في خطر.. كيف يمكن أن يصبح التأمين وسيلة لحماية الطبيعة؟
التنوع البيولوجي في خطر.. كيف يمكن أن يصبح التأمين وسيلة لحماية الطبيعة؟

في مواجهة هذه التحديات، تتجه الأنظار إلى أدوات غير تقليدية للمساهمة في التصدي لهذه الأزمة، ويأتي قطاع التأمين في مقدمتها، فلم يعد التأمين مجرد وسيلة لتعويض الخسائر، بل أصبح أداة استباقية تساهم في الحفاظ على البيئة وتمويل الحلول المستدامة.

أزمة بيئية عالمية تحتاج إلى حلول مالية مبتكرة

ما تواجهه الأنظمة البيئية حاليًا من ضغوط مثل إزالة الغابات، والتلوث الصناعي، وارتفاع درجات الحرارة، والتغيرات المناخية المتطرفة، لا يمثل خطرًا على الطبيعة فحسب، بل يشكل تهديدًا مباشرًا للاقتصاد العالمي، بدءًا من الزراعة وصولًا إلى الصحة العامة، ومن التجارة إلى الأمن المائي.

ما الذي يمكن أن يقدمه التأمين لحماية التنوع البيولوجي؟

1. تصميم منتجات تأمين بيئي مخصصة:

  • التأمين القائم على المؤشرات البيئية (Parametric Insurance) يوفر تعويضات تلقائية بعد تحقق مؤشرات بيئية محددة، كما في نموذج حماية الشعاب المرجانية بالمكسيك.

  • التأمين ضد الأضرار البيئية يلزم الشركات بالمسؤولية ويشجع على الالتزام البيئي.

  • التأمين على الحياة البرية يقلل من النزاع بين الإنسان والحيوان ويوفر بدائل تعويضية فعالة.

  • تأمين النظم البيئية الحيوية يغطي خسائر الكوارث التي تطال غابات المانغروف أو الأراضي الرطبة.

2. سياسات اكتتاب ترتكز على تقييم الأثر البيئي:

يمكن لشركات التأمين إعادة تشكيل السوق بمنح مزايا للمشروعات الخضراء، وفرض شروط أكثر صرامة على الأنشطة الملوثة، مما يخلق سوقًا أكثر وعيًا واستدامة.

3. التأمين كقناة تمويل جديدة للطبيعة:

  • السندات البيئية والتأمينية تُستخدم لتمويل مشروعات الحماية البيئية.

  • الشراكات التمويلية بين الحكومات والقطاع الخاص تهدف إلى تمويل مناطق الحماية البيئية.

  • آليات التمويل المختلط تمكّن من تقليل المخاطر وجذب الاستثمارات البيئية.

مكاسب مزدوجة: كيف يستفيد قطاع التأمين من الطبيعة؟

عندما تكون الطبيعة قوية ومتنوعة، تنخفض الكوارث، وبالتالي تتراجع المطالبات التأمينية، مما يحسّن من أرباح شركات التأمين، فالشعاب المرجانية والمانغروف تمتص الصدمات المناخية وتحمي السواحل، والزراعة المتنوعة تحدّ من مخاطر الجفاف والفيضانات، كما أن تبني معايير بيئية متقدمة يمنح شركات التأمين مرونة أكبر أمام التغيرات التنظيمية.

نماذج عالمية تؤكد جدوى الفكرة

  • المكسيك شهدت أول بوليصة تأمين تغطي الشعاب المرجانية ضد الأعاصير.

  • الهند وكينيا تستخدمان نماذج تأمين زراعي تعتمد على استقرار النظم البيئية.

  • نيوزيلندا وكوستاريكا تقدم تأمين المحميات الطبيعية لضمان استمرارية خدماتها البيئية.

مصر: حماية المحميات الطبيعية ليست خيارًا

في مصر، التي تضم أكثر من 30 محمية طبيعية تغطي نحو 15% من أراضيها، برزت الحاجة إلى إدماج التأمين كأداة حماية بعد تزايد التهديدات مثل التغير المناخي، والحرائق، والصيد الجائر، والتعديات البشرية، وقد ارتفعت إيرادات المحميات بنسبة 40% في عام 2024، مما يعكس قيمتها الاقتصادية إلى جانب البيئية.

الحلول التأمينية تشمل:

  • التأمين ضد الكوارث البيئية مثل الحرائق والأعاصير.

  • تأمين المسؤولية البيئية للمشغلين والمنظمات.

  • التأمين المناخي يوفر تمويلًا سريعًا في حالات الجفاف.

  • تغطية خسائر التلوث أو الإضرار بالأنواع المحمية.

Insurers Federation of Egypt: نحو استراتيجية بيئية في صناعة التأمين

يؤمن الاتحاد المصري للتأمين (Insurers Federation of Egypt) بأن حماية التنوع البيولوجي مسؤولية مشتركة، ويؤكد على أهمية دمج البُعد البيئي في صلب السياسات التأمينية، ليس فقط امتثالًا للالتزامات الدولية، بل لضمان مستقبل اقتصادي مرن وقادر على التكيف مع تغيرات المناخ والمخاطر البيئية المستجدة.