أكد الدكتور محمد فؤاد، الخبير الاقتصادي، أن الصفقة المُعلنة تمثل خبرًا إيجابيًا من حيث المبدأ في سياق تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر (FDI) إلى السوق المصري، خاصة في ظل التحديات التمويلية التي تواجه ميزان المدفوعات والاحتياطي النقدي.

مواضيع مشابهة: زيادة مصنعية الذهب بعد تطبيق ضريبة القيمة المضافة وتأثيرها على المستهلك وفقاً لخبير في نبأ مصر
فؤاد: رغم أن الاستثمار يشكل دعمًا محدودًا لكنه مرحب به لزيادة تغطية الاحتياطي النقدي
وأشار فؤاد، في تصريح خاص لـ”نبأ مصر”، إلى أن التقييم الدقيق لهذه العملية يتطلب نظرة مزدوجة، تأخذ في الاعتبار الأثر الكمي على مستوى العملة الأجنبية وفرص العمل، بالإضافة إلى السياق القطاعي ومدى ارتباط هذا النوع من الاستثمار بأولويات النمو الإنتاجي طويل الأجل، مضيفًا أن الأثر المالي المباشر لدخول استثمار بهذا الحجم من مستثمر استراتيجي إقليمي يشكل دعمًا محدودًا، لكنه مرحب به في ظل المساعي الحالية لزيادة تغطية الاحتياطي النقدي.
وأضاف الخبير الاقتصادي، أنه إذا افترضنا أن هذا الاستثمار سيتم تمويله بالكامل من الخارج، وليس عبر آلية تمويل محلي مشترك أو داخلي، فإن إضافة 1.4 مليار دولار تشكل ما يقارب 3% من احتياطي النقد الأجنبي الحالي، ومع ذلك، تبقى هذه النسبة رمزية إذا ما قورنت باحتياجات مصر السنوية من العملة الصعبة لتغطية خدمة الدين والواردات، أما على صعيد التشغيل، وبالنظر إلى طبيعة المشروع كـ”بوليفارد” تجاري، فإن معظم فرص العمل ستكون مركّزة في قطاعات الخدمات غير القابلة للتصدير، مثل التجزئة، الضيافة، الأمن، والنظافة.
فؤاد: مشروع شركة سمو القابضة السعودية سيوفر من 5,000 لـ 7,000 فرصة عمل
وأوضح أنه من واقع التجارب المماثلة في العاصمة الإدارية والشيخ زايد، فإن مشروعًا بهذا الحجم قد يوفر ما بين 5,000 إلى 7,000 فرصة عمل مباشرة في ذروة التشغيل، منها نسبة كبيرة غير دائمة أو منخفضة المهارة، أما فرص العمل غير المباشرة المرتبطة بالإنشاءات وسلاسل التوريد، فهي بطبيعتها مؤقتة وتنتهي بانتهاء مراحل التطوير الأولية.
وتابع: “ورغم الترحيب بأي تدفقات استثمارية أجنبية طويلة الأجل، فإن هذا النمط من الاستثمارات يعيد طرح السؤال الهيكلي حول الوجهة القطاعية للنمو الاقتصادي في مصر، فقد بات واضحًا أن العقار لم يعد مجرد قطاع داعم للنمو، بل أصبح ركيزة شبه حصرية له، مما يعكس ما يمكن توصيفه بأعراض “المرض الهولندي”
وأردف فؤاد، أن “المرض الهولندي”، كما هو معروف في الأدبيات الاقتصادية، يشمل أي نمط اقتصادي يؤدي إلى انحراف الموارد نحو أنشطة سهلة وعالية العائد لكنها ضعيفة القيمة المضافة، وللحالة المصرية، يُمارس العقار هذا الدور، حيث يجتذب الاستثمارات على حساب القطاعات القابلة للتصدير والتشغيل الكثيف، مما يؤدي إلى تشوّه هيكلي في تخصيص الموارد ونمو اسمي لا ينعكس في تحسين إنتاجية الاقتصاد أو تنافسيته.
ولفت إلى أنه في حالة مصر، فإن فائض السيولة المحلية، ومعه جزء من الاستثمارات الأجنبية، يُعاد توجيهه نحو العقار، وهو قطاع غير إنتاجي بطبيعته ولا يولد قيمة مضافة مستدامة، مما يؤدي إلى تهميش الاستثمار في قطاعات أكثر أهمية للنمو طويل الأجل مثل الصناعة التحويلية، التكنولوجيا، والزراعة التصديرية، لذلك، فإن الترحيب بهذه الصفقة يجب أن يكون مقرونًا بإدراك ضرورة تعديل البوصلة القطاعية.
وأوضح أن المطلوب ليس رفض الاستثمار العقاري، ولكن إعادة توازن المنظومة الاستثمارية عبر أدوات تحفيزية ومالية وتنظيمية تُوجّه رؤوس الأموال نحو القطاعات الإنتاجية ذات التأثير الأكبر على الميزان التجاري وسوق العمل، وبدون هذا التوازن، سيظل الاقتصاد المصري يدور في حلقة مفرغة من النمو غير المستدام، وسيظل معرضًا لصدمات سعر الصرف والتمويل الخارجي، بصرف النظر عن عدد المشروعات العقارية التي يتم الإعلان عنها.
شوف كمان: تحذير من محامٍ: أهمية مراجعة عقد شراء الوحدة العقارية لحماية حقوقك كمشتري
ويذكر أن شركة “سمو القابضة” السعودية حصلت على قطعة أرض تبلغ مساحتها نحو 120 فدانًا داخل مدينة “مستقبل سيتي”، لإنشاء مشروع تجاري ضخم يحمل اسم “بوليفارد”، باستثمارات تُقدّر بنحو 1.4 مليار دولار.
تعليقات