في ذكرى رحيل فاروق الفيشاوي.. قصة نجم تحدى السرطان ولم يخشَ شيئًا

في ذكرى وفاة فاروق الفيشاوي التي تصادف اليوم، الخميس 25 يوليو، يعود الحديث عن أحد أبرز نجوم الشاشة العربية، فنان لا يزال اسمه يتردد رغم مرور ست سنوات على رحيله، بعد صراع قوي وشجاع مع مرض السرطان.

في ذكرى رحيل فاروق الفيشاوي.. قصة نجم تحدى السرطان ولم يخشَ شيئًا
في ذكرى رحيل فاروق الفيشاوي.. قصة نجم تحدى السرطان ولم يخشَ شيئًا

رحل الفيشاوي في عام 2019، لكنه ترك إرثًا فنيًا وإنسانيًا يتردد صداه حتى الآن، سواء بين زملائه أو جمهوره الكبير الذي تابع مسيرته بتقدير ومحبة.

في ذكرى وفاة فاروق الفيشاوي.. المرض لم يكسر روحه

عندما نتحدث في ذكرى وفاته، لا يمكننا تجاهل الطريقة التي واجه بها مرضه، فعلى عكس الكثيرين، اختار أن يواجه المرض بشجاعة، ويعلن إصابته بالسرطان من على خشبة المسرح خلال مهرجان الإسكندرية السينمائي في عام 2018، كان صريحًا وجريئًا كما عُرف عنه، حين قال: “أُصبت بالسرطان، لكني سأتعامل معه وكأنه صداع”

لم تكن تلك الكلمات مجرد محاولة لطمأنة الآخرين، بل كانت تلخيصًا لأسلوب حياته، الصراحة أولًا، والمواجهة بلا خوف.

محطات في حياة لم تخلو من التحدي

وُلد فاروق الفيشاوي في محافظة المنوفية عام 1952، وعشق الفن منذ صغره، لكنه لم يسلك الطريق الأكاديمي التقليدي فقط، بل جمع بين دراسة الطب ثم الآداب، وفي النهاية اتجه إلى معهد الفنون المسرحية، وهناك بدأت قصته الحقيقية مع التمثيل.

في السبعينيات كانت انطلاقته، لكن الثمانينيات شهدت سنوات نجوميته، حيث أصبح واحدًا من أبرز الوجوه على الشاشة، ينافس نجوم جيله في السينما والتلفزيون، ويؤدي أدوارًا تجمع بين القوة والضعف، والرومانسية والتحدي، وبين السهل الممتنع والمعقد المركب.

أمنيات فنية لم تتحقق قبل الرحيل

رغم أنه قدم أكثر من 150 عملًا فنيًا بين السينما والتلفزيون والمسرح، كانت لدى الفنان الراحل أحلام لم تتحقق، أبرزها، كما صرّح أكثر من مرة، رغبته في تجسيد شخصية الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، حلم لم يتحقق رغم حماسه الشديد له، سواء على مستوى السينما أو المسرح أو الدراما التليفزيونية.

كما عبّر أكثر من مرة عن أمنيته بالوقوف أمام سيدة الشاشة العربية، فاتن حمامة، لكن القدر لم يجمع بينهما في أي عمل فني، وعبّر عن ندمه على بعض الأعمال التي شارك فيها لمجرد “المجاملة”، دون أن يحددها.

في حب جمهوره.. كلمة وداع غير تقليدية

في أحد لقاءاته، قال الفيشاوي: “أنا مصاب بالحب.. حب زملائي وجمهوري اللي وقف جنبي، ويمكن لو ماكنتش حسيت بالحب ده كنت هضعف، لكن محبتهم رجعتني أقوى”

عبارات كهذه كانت كافية لتشرح سر حب الناس له، ليس فقط كممثل، بل كإنسان.

صديقه المقرب يكشف تفاصيل اللحظات الأخيرة

الفنان عماد رشاد، من أقرب أصدقاء فاروق الفيشاوي، كشف في أكثر من لقاء كيف كانت الأيام الأخيرة مؤلمة، لكنه ظل محافظًا على روحه المرحة حتى النهاية.

وقال له يومًا قبل وفاته بيومين فقط: “احجزلي جيم، عايز أنزل جسمي شوية”

كانت تلك العبارة تكشف إصراره على الحياة حتى اللحظة الأخيرة، وعدم استسلامه حتى وهو يعرف أن المعركة توشك على الانتهاء.

بصمة واضحة في تاريخ الفن

قدّم الفيشاوي أدوارًا لا تُنسى في أعمال سينمائية مثل المشبوه، المرأة الحديدية، التحويلة، الجاسوسة حكمت فهمي، وغيرها، كما تألق في المسلسلات التي صنعت ذاكرة جيل كامل مثل عصفور النار، المال والبنون، علي الزيبق، وزينب والعرش.

كان يحسن اختيار أدواره، ويقبل التحديات الفنية، ويجسد شخصيات معقدة دون مبالغة، وهذا ما جعله يظل في الذاكرة رغم غيابه.

بجرأة الفنان وصراحة الإنسان

لم يكن فاروق الفيشاوي فنانًا فقط، بل كان شخصية عامة تتحدث بوضوح، لم يُخفِ مواقفه السياسية أو رؤيته لبعض القضايا، ولم يكن يخشى النقد، بل كان يفتح قلبه في اللقاءات، ويتحدث عن أخطائه الشخصية والاختيارات التي ندم عليها.

في أحد تصريحاته، أشار إلى أنه ضد فكرة استغلال مرضى السرطان إعلاميًا بطريقة مأساوية، مؤكدًا أن الأمل هو الأهم، وأن عرض صور الشفاء أفضل من تصوير المأساة.

في ذكراه.. ماذا بقي من فاروق الفيشاوي؟

بقي اسمه، وبقيت أعماله، وبقيت سيرته، في ذكرى وفاة فاروق الفيشاوي، تعود القنوات لبث أعماله، وتُعيد المنصات نشر لقاءاته، ويتذكره الناس بشغف.

فنان لم يكن تقليديًا، ولم يكن نجمًا فقط، بل كان إنسانًا مليئًا بالتجارب، مناضلًا حتى في أواخر أيامه، وملهِمًا لكل من عرفه أو شاهد أعماله.