من الإقطاع إلى الانفتاح.. كيف تغيرت أهداف ثورة يوليو الاقتصادية عبر الزمن مع تحليل خبير اقتصادي

اقرأ كمان: سعر الذهب في مصر اليوم 11 يونيو 2025 يشهد استقرارًا ملحوظًا بعد عيد الأضحى
في ذكرى ثورة يوليو، أدلى الخبير الاقتصادي خالد فواز بتصريحات خاصة لـ«نبأ مصر» تناول فيها أهداف الثورة الستة ومدى تحققها في ظل المتغيرات الزمنية المتلاحقة، حيث ركز على هدفين رئيسيين هما القضاء على الإقطاع، والقضاء على سيطرة رأس المال على الحكم والاقتصاد.
من نفس التصنيف: مينا رفيق يتحدث عن تأثير خفض الفائدة على تحويل الاستثمارات من أدوات الدين إلى البورصة
أكد فواز أن ثورة يوليو اتخذت خطوات جريئة لإنهاء الإقطاع، حيث حددت ملكية الأراضي الزراعية بـ 200 فدان كحد أقصى، ثم قلصت هذا الحد تدريجيًا حتى وصلت لتوزيع 5 أفدنة على صغار الفلاحين، وأشار إلى أن هذا التوزيع ساهم بشكل فعال في إنهاء الظلم الذي عاناه الفلاحون تحت سيطرة كبار الملاك، وحقق توازنًا نسبيًا في العلاقة بين المالك والمستأجر، مما أرسى مبادئ العدالة الإيجارية.
ولكن، لفت فواز إلى “إشكالية كبيرة رافقت هذا التوجه”، وهي غياب نظام تنموي زراعي حديث.
وأوضح أن هذا النقص أدى إلى جمود في التوسع الزراعي وافتقار استراتيجية طويلة الأمد لزيادة الرقعة الزراعية وتحقيق الأمن الغذائي، مما أثر على التنمية الشاملة في هذا القطاع الحيوي.
القضاء على سيطرة رأس المال: من التأميم إلى الانفتاح والمحسوبية
تطرق الخبير الاقتصادي إلى جهود الثورة في تحجيم نفوذ الرأسماليين، مؤكدًا أن تأميم البنوك والشركات الكبرى في الخمسينيات والستينيات جعل الدولة “اللاعب الرئيسي” في إدارة الاقتصاد الوطني، وشدد على أن مصر حققت في تلك الفترة “إنجازات اقتصادية وصناعية كبيرة”، استمرت حتى أوائل السبعينيات.
غير أن فواز أشار إلى “انعطافة حادة” شهدها هذا المسار مع سياسة الانفتاح الاقتصادي في عهد الرئيس أنور السادات، والتي سمحت بعودة رأس المال الخاص “دون رقابة كافية”، وأوضح أن ذلك أفضى إلى زيادة الاستيراد على حساب الإنتاج المحلي وتراجع دور الدولة في الصناعة والتجارة.
واستمر تحليل فواز ليشمل عهد الرئيس حسني مبارك، الذي شهد “تفاقم ظاهرة المحسوبية واحتكار السلطة الاقتصادية من قبل فئة محدودة”، وأضاف أن تصفية العديد من شركات القطاع العام وخصخصة المصانع التي كانت تعاني من الخسائر أو تتطلب دعمًا حكوميًا، ساهم في “زيادة الفجوة الاقتصادية والاجتماعية بين الطبقات”.
استمرارية الأهداف والتحديات المعاصرة
رغم مرور عقود، يرى فواز أن أهداف الثورة لا تزال تحمل “قيمة تاريخية ووطنية”، لكنه يؤكد على ضرورة “إعادة صياغتها وفقًا لمتغيرات العصر” لضمان تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة، وأبرز فواز النقاط الأساسية التي يجب التركيز عليها.
وجود سياسة عادلة لتوزيع الثروات والحقوق بين أفراد المجتمع.
حماية الطبقات الضعيفة من التهميش والإقصاء.
عدم ترك القرار الاقتصادي في يد قلة من الأفراد أو فئة بعينها.
تبني نموذج اقتصادي حديث يقوم على مبادئ التنمية العادلة والشاملة.
وفي ختام تصريحاته، نبه فواز إلى التحديات المعاصرة، مشيرًا إلى أن بعض السياسات والقرارات أدت إلى احتكار أصحاب رؤوس الأموال لقطاعات حيوية مثل العقارات، مما تسبب في تهجير سكان الريف وتهميشهم بسبب ارتفاع أسعار السكن وغياب التوزيع العادل للأراضي، كما حذر من مشاركة رجال الأعمال في الحياة السياسية، مما يؤدي إلى سن تشريعات تخدم مصالحهم مثل خفض الضرائب والإعفاءات المالية، ويزيد من العبء على الطبقات الوسطى والفقيرة.
وأكد فواز أن المحسوبية في توزيع الوظائف والأراضي والامتيازات أدت إلى إقصاء الكفاءات وتراكم الثروات في أيدي فئة محدودة، واختتم بقوله: “تحولت أدوات الدولة التنموية، مثل الأراضي أو مشاريع الإسكان، من وسيلة لتحقيق العدالة الاجتماعية إلى وسيلة لتحقيق الربح لفئة بعينها، مما وسع الفجوة الطبقية وأضعف فرص تحقيق التنمية المتوازنة”
تعليقات