اكتشفوا رواية “الطفلة التي احتضنتني في عباءتها” للكاتبة فاطمة التليلي من دار أم الدنيا، تجربة أدبية مميزة ستأسر قلوبكم.

مواضيع مشابهة: رحيل والدة الفنان هشام إسماعيل يؤثر في قلوب محبيه ويتركهم في حالة من الحزن الشديد
أصدرت الكاتبة والشاعرة التونسية فاطمة التليلي رواية جديدة تحمل عنوان “الطفلة التي خبأتني في عباءتها”، وذلك عن دار أم الدنيا للدراسات والنشر والتوزيع.
تتكون الرواية من 136 صفحة صغيرة، وهي مقسمة إلى ثمانية فصول، وقد أهدتها المؤلفة إلى “النساء الريفيات المحرومات من أبسط مقومات الحياة، اللواتي دخلن هذا العالم ليعشن بصمت، اللواتي يولدن ويمتن دون أن يعلم أحد بوجودهن، الصابرات الشامخات اللواتي يحملن آلامهن كبيوت السلاحف على ظهورهن دون تذمر”.
من بين سطور الرواية، كتبت فاطمة التليلي على غلافها: “لم أكن يوماً امرأة كاملة، كنت دوماً ظل طفلة خبأتني في عباءتها، ومشت بي عبر السنوات كأنني سرها، كلما حاولت أن أنضج، شدتني إلى الوراء، إلى تلك الزاوية التي رأيت فيها الحياة لأول مرة من تحت طرف عباءة إلى رائحة المطر الأولى، إلى خوف صغير كان يكبر داخلي بصمت، الآن، وأنا أتنفس كأنفاسي الأخيرة لا أرى سوى عينيها، تنظران إلي من داخل صدري، كأنها لم تكبر أبداً، أكتب لأتخفف من ثقلها، أو لأودعها، أو ربما لأعترف: أنا ما كنت إلا هي، وهي… لم تكن إلا كلي” تتناول الكاتبة في صفحات الرواية ذكريات صديقتها التي غادرت الحياة حديثاً، حيث كتبت الصديقة الراحلة سطور إهدائها “إلى جميع أفراد عائلتي.. كل فرد منكم ترك ندبًا بمكان ما من روحي على طريقته.. أحبكم رغم كل شيء، إلى الذين أصروا بأن أكون على درب فشلهم: أنا خارج سربكم أغرد، إلى روح أبي الرجل الاستثناء، إلى أمي زهرة التي أزهرت في قلبي في الوقت الذي كان مظلماً كمقبرة، إلى روحي التي ما زالت تحارب بمفردها رغم تخلي الجميع عنها، إلى كل من له ماضي تعيس يعذبه، قم بتقيئه وستشعر بالراحة”
مقال له علاقة: ثنائية صبا مبارك وكريم فهمي تتألق من جديد في مسلسل 220 يوم وتتصدر التريند!
في سطور الفصل الأول، تحمل الكاتبة إرث صديقتها وأسرار صندوقها: “عدت الآن من جنازة صديقتي، والتي لم يحضرها غيري وأمي والمؤدب وبعض من العابرين الغرباء، كنت أود القيام بتأبين يليق بروحها الجميلة ولكن وصيتها بأن تدفن دون تأبين أو حزن، واحتراما لصداقتنا حاولت ألا أبكي، وألا أفكر في أي شيء، أغلقتُ غرفتها بعد أن بحثت فيها عن صندوق تركته لي قبل أن تغادرني وقد طلبت مني ألا أفتحه إلا بعد وفاتها، وضعت الصندوق على الطاولة، وارتميتُ على الأريكة أحاول حبس دموعي… لا شيء هنا يوحي بالحياة، كل شيء بهذا البيت حزين، خمنت ربما كانت غرفتها تنتظر عودتها معي بعد أن قضت شهرين بالمشفى ولم تعد إلى البيت بعدها، ربما اشتاقت لرائحتها مثلي وإلى فوضاها، ربما تلك الشرفة اشتاقت لاستنشاق قهوتها المرة معها… وضعت أمي طاولة العشاء ولكن لم تأكل أي منا، فهي لم تكن صديقتي فقط بل فردًا من عائلتي منذ أن عرفتها لم تفارق إحدانا الأخرى، ثم غادرت أمي لتنام، فيما بقيت مستلقية على الأريكة… لأول مرة وبعد اثنتي عشرة سنة أبقى بهذا البيت وحدي… فتحت الصندوق، وجدتُ دفترا وضعت عليه ملصقًا صغيرًا كُتب عليه: «اقرئيه أولاً»، أعتقد أن هذه هي السيرة الذاتية التي أخبرتني عنها قبل موتها بيومين والتي تمنت نشرها… أخذت الدفتر وأغلقت الصندوق ثم وضعته جانبا، وأتيت بفنجان قهوة كانت قد جهزتها لي أمي قبل خلودها للنوم، وبدأت في تصفح الدفتر منذ البداية حيث كُتِبَ بخط غليظ في الصفحة الأولى: الطفلة التي خبأتها في عباءتي”
ومن أجواء الرواية نقرأ: “لم تكن طفولتنا سعيدة ولم نشعر بشيء اسمه الحب في حياتنا إلا عندما يمنحنا جدي شقالة شهد مباشرة من صبح النحلة عندما يكون أبي غائبا، فيخبرني أخي الأوسط أن جدي يحبنا أكثر من أبي ولا أدري من أين جاء بهذه الكلمة فنحن لا نلفظها في منزلنا وتنهره أمي بأن ما يقوله عيب وأن لا أحد يمكن أن يحب الأبناء بقدر والديهما… كانت أمي بالنسبة لي غريبة جدا؛ يعاملها أبي كخادمة في حضرتنا وتعامله كملك في حضوره وغيابه، لا ترفع صوتها أمامه إلا نادراً، لا يتركها تفرض سلطتها علينا مثل جميع الأمهات، ويطلب منا أن نعاملها بعدم احترام، لم نكن نفعل ذلك غير أخي البكر، الذي كان عبارة عن جاسوس بيننا، يشي بنا كلما أتيحت له الفرصة أن يفعل ذلك ويتلذذ بالمأكولات والحلويات مقابل ذلك، ويستمتع ونحن نسحل أمامه مقيدين أو نتلقى الضرب مثل العبيد، فقد كان عديم الرحمة مثل أبي، حتى إنه في أحيان كثيرة يكذب في أشياء ليحصل بالمقابل على علبة ياغورت بالشوكولا مثلاً، كانت أمي تدرك أنه لو عاد أبي إلى البيت ليلاً ووجدنا مستيقظين فإنه سيجد سبباً وجيهاً ليضربنا، فكانت تحاول دائماً أن تخلدنا إلى النوم قبل مجيئه وتنتظره وحيدة، ولكن طوال حياتي لم أنم ليلة واحدة قبل أن تنام أمي، كنتُ أخبئ رأسي تحت الغطاء وأراقب كل شيء من ثقب صغير أحدثته بأصبعي الصغير في الغطاء الصوفي الذي صنعته أمي… أذكر جميع آلام أمي من الاغتصاب إلى إطفاء السجائر بجسدها إلى الشتم، ما زلت أذكر لياليها الحزينة والكثيرة… أذكر أنه في ليلة من ليالي الشتاء القارس عاد أبي متأخراً كعادته إلى البيت، سألته أمي إن كان جائعاً لتحضر له العشاء، وبعد تردد طلب منها إحضار العشاء، ولما جاءت به تناول الملعقة الأولى ثم التفت إليها ليسألها: لم العشاء مالح؟ فأخبرته أننا أصلاً لا نملك الملح بالمنزل وأننا لأسبوع نتناول الأكل من دون ملح، فصرخ في وجهها حانقاً: يعني نكذب عليك؟!” وانهال عليها ضرباً، كنتُ أبكي ولم أستطع أن أوقفه، كانت يداي الصغيرتان لا تقويان على إبعاده ورغم ذلك كنت متشبثة بسراويله محاولة إبعاده، فقام مراراً بقذفها مثل الكرة، في حين كانت أمي تنزف وظل على تلك الحال حتى بزوغ الشمس، وبعدها سحلها من شعرها وأخبرها أن تأتيه بالكلاب وتتبعه
تعليقات