رغم تأكيدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب المتكررة بأن الدول الأجنبية هي من تتحمل عبء الرسوم الجمركية، تُظهر البيانات والتقارير الاقتصادية أن التكلفة الحقيقية تقع على عاتق الشركات والمستهلكين الأميركيين، مع انعكاسات مباشرة على أرباح الشركات وأسعار السلع داخل السوق المحلية.

مواضيع مشابهة: أبرز الأخبار الاقتصادية في مصر خلال الأسبوع.. إليك أهم النقاط التي يجب معرفتها
جنرال موتورز.. مليار دولار خسائر بسبب الرسوم
كشفت شركة «جنرال موتورز» الأميركية لصناعة السيارات، يوم الثلاثاء، أن الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب اقتطعت أكثر من مليار دولار من أرباحها، بعدما قررت الشركة تحمّل كلفة الرسوم بدلاً من تمريرها إلى العملاء، الأمر الذي يُفسر ثبات أسعار السيارات في بيانات التضخم الأخيرة، على عكس سلع أخرى مثل الألعاب والأجهزة المنزلية، التي شهدت زيادات حادة في الأسعار نتيجة تمرير التكلفة للمستهلكين.
المستهلك يدفع… رغم الرواية الرسمية
الرئيس ترامب كرر ادعاءه مؤخرًا، عقب لقائه بالرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس جونيور، أن “الفلبين ستدفع رسومًا بنسبة 19%” على صادراتها إلى الولايات المتحدة، في إطار الاتفاق التجاري الجديد، لكن البيانات الاقتصادية تفند هذا التصور، حيث تُظهر أرقام يونيو أن أسعار الواردات – باستثناء الوقود – ارتفعت بشكل ملحوظ، ما يشير إلى عدم تجاوب الموردين الأجانب بخفض الأسعار لتعويض الرسوم.
إيرادات الحكومة تأتي من الداخل
رغم أن الرسوم الجمركية ترفع إيرادات الخزانة الأميركية، فإن هذه الأموال تُجمع في معظمها من الشركات الأميركية المستوردة، وقال جورج سارافيلوس، رئيس استراتيجية الصرف الأجنبي في “دويتشه بنك”، في مذكرة حديثة:
“الأدلة الكلية تُبين بوضوح أن الأميركيين هم من يتحملون في الغالب تكلفة الرسوم الجمركية” وأضاف أن الضغوط على أسعار المستهلك في الولايات المتحدة مرشحة للتصاعد خلال الفترة المقبلة.
مواضيع مشابهة: انخفاض 0.66% في قطاع العقارات بالبورصة خلال تعاملات يوم الاثنين
شركات تحاول التكيّف… لكن إلى متى؟
أشارت تقارير صادرة عن “ويلز فارغو” إلى أن الشركات الأميركية بدأت تمرير الرسوم للمستهلكين وسط غياب تراجع في أسعار الموردين الأجانب، وقالت الخبيرتان الاقتصاديتان سارة هاوس ونيكول سيرفي إن الموردين يرفضون عمومًا خفض أسعارهم، في حين تُظهر بيانات أخرى أن بعض المصدرين، مثل شركات السيارات اليابانية، خفّضوا أسعارهم للحفاظ على موقعهم في السوق الأميركية.
لكن تراجع قيمة الدولار دفع شركات أجنبية أخرى إلى رفع أسعارها لتعويض الفارق، ما فاقم الضغوط على الشركات والمستهلكين داخل الولايات المتحدة.
أرباح تحت الحصار
شركات كبرى مثل “نايكي” و”3M” بدأت باتخاذ خطوات للتخفيف من أثر الرسوم الجمركية، مثل تعديلات في خطوط الإنتاج وزيادات سعرية مدروسة، “نايكي” قدّرت أن كلفة الرسوم قد تصل إلى مليار دولار إضافي، بينما تراهن “3M” على استراتيجيات جديدة للحفاظ على هامش أرباحها.
من جهته، قال أندرو هولينهورست، كبير الاقتصاديين في “سيتي غروب”، إن استمرار تحميل الشركات المحلية كلفة الرسوم قد ينعكس قريبًا في تراجع أرباح الشركات، مضيفًا أن حالة عدم اليقين قد تدفع الشركات إلى تغيير سياساتها التسعيرية قريبًا.
الرسوم تضرب من الداخل
رغم الخطاب الرسمي القائم على تحميل الدول الأخرى كلفة الرسوم، فإن الواقع الاقتصادي يُظهر أن الاقتصاد الأميركي ذاته يتحمّل العبء الأكبر، من الخسائر المليارية للشركات، إلى تصاعد الأسعار في السوق المحلية، تظل الرسوم الجمركية أداة ذات كلفة محلية عالية، وربما غير مستدامة على المدى الطويل في حال استمر الموردون في التمسك بهوامش أرباحهم وعدم خفض أسعارهم.
تعليقات