مرض الأجروفوبيا ليس مجرد عنصر درامي في مسلسل كتالوج، بل هو واقع يعكس اضطرابًا نفسيًا يحتاج إلى مزيد من الضوء.
الشخصية التي جسدها الفنان بيومي فؤاد، “جورج”، أعادت صياغة العلاقة بين الفن والطب النفسي، حيث ظهر كجار لا يغادر منزله، ويتواصل فقط من خلف الباب، مما أثار تساؤلات حول طبيعة مرضه الذي يمنعه من الخروج تمامًا.
وفي تصريحات خاصة لـ«نبأ مصر»، أوضح الدكتور حمدي أبو سنة، الخبير النفسي، أن الحالة التي يجسدها جورج تُعرف طبيًا باسم الأجروفوبيا (Agoraphobia)، وهو اضطراب نفسي حقيقي، وليس مجرد مبالغة درامية كما يعتقد البعض، ويؤثر بشكل عميق على حياة المريض اليومية والاجتماعية.
أكد الدكتور حمدي أبو سنة أن مرض الأجروفوبيا هو نوع من اضطرابات القلق، يتمثل في الخوف الشديد من التواجد في أماكن أو مواقف يرى فيها الشخص أن الهروب سيكون صعبًا، أو أن المساعدة لن تكون متاحة بسهولة حال تعرضه لنوبة هلع.
وأضاف أن هذا النوع من الرهاب لا يقتصر فقط على الأماكن المفتوحة كما هو شائع، بل يمكن أن يمتد إلى أماكن مغلقة أو مزدحمة.
ويوضح أبو سنة أن المصابين بالأجروفوبيا قد يتجنبون:
ركوب المواصلات العامة مثل الأتوبيس أو المترو،.
التواجد في الأماكن المفتوحة كالساحات أو مواقف السيارات،.
الأماكن المغلقة مثل المتاجر أو دور السينما،.
الزحام والطوابير،.
والخروج من المنزل بمفردهم.
وتابع: “في بعض الحالات، يصل الأمر إلى العزلة التامة داخل المنزل، كما نرى في حالة جورج، وهو عرض دقيق وواقعي جدًا لحالة الأجروفوبيا غير المعالجة”
أشار الدكتور حمدي أبو سنة إلى أن الأجروفوبيا قد تُظهر نفسها عبر مجموعة من الأعراض النفسية والجسدية في آن واحد، وتشمل هذه الأعراض:
نوبات هلع متكررة وغير متوقعة،.
صعوبة في التنفس والشعور بالاختناق،.
تسارع في ضربات القلب،.
دوار وعدم توازن،.
تعرّق شديد،.
الشعور بأن الواقع غير حقيقي أو الانفصال عن الذات،.
خوف من فقدان السيطرة أو الجنون.
وأضاف الخبير النفسي أن بيومي فؤاد في كتالوج قدم نموذجًا واقعيًا جدًا لمريض أجروفوبيا، خاصة حين يتحدث من خلف الباب فقط، دون محاولة الخروج أو رؤية أحد.
بحسب أبو سنة، لا يوجد سبب واحد واضح لظهور المرض، لكنه غالبًا ما يبدأ بعد نوبة هلع حادة، خصوصًا إن تُركت دون علاج.
وتشمل العوامل التي تزيد من احتمالية الإصابة:
وجود تاريخ عائلي من اضطرابات القلق أو الهلع،.
التعرض لحدث صادم أو فقد مفاجئ (مثل وفاة شخص قريب أو حادث)،.
الاستعداد البيولوجي أو المزاج العصبي الزائد،.
ضغوطات الحياة اليومية لفترات طويلة.
وأضاف أن المسلسل أحسن في اختيار شخصية “جورج” لتجسيد المرض، لأنها تعاني من عزل اجتماعي مزمن، وهو أبرز مظاهر الأجروفوبيا.
أوضح الخبير أن التشخيص يعتمد على الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5)، ويتطلب وجود خوف أو قلق شديد من اثنتين أو أكثر من المواقف المذكورة، واستمرار الحالة لمدة لا تقل عن 6 أشهر، وتأثيرها بشكل كبير على حياة الشخص اليومية.
أما عن العلاج، فأكد أن العلاج السلوكي المعرفي (CBT) هو الأكثر فاعلية، حيث يعمل على تصحيح الأفكار المشوهة المرتبطة بالمواقف المخيفة، ويعلّم المريض تقنيات مواجهة وتحمّل القلق تدريجيًا.
وأشار إلى أن المصاب يمكن أن يتحسن كثيرًا مع العلاج المناسب، لكن إذا تُرك دون تدخل، قد تتدهور الحالة وتؤدي إلى مشكلات أخرى مثل الاكتئاب أو الإدمان على المسكنات أو المهدئات.
يأتي مسلسل كتالوج في 10 حلقات إنسانية دافئة، ويُعد نموذجًا للدراما الاجتماعية الواقعية.
وكتب العمل أيمن وتار، وأخرجه خالد الحلفاوي، وأنتجه أحمد الجنايني، ويضم نخبة من النجوم منهم محمد فراج، وبيومي فؤاد، وظهور مؤثر لريهام عبد الغفور، إلى جانب سماح أنور، تارا عماد، خالد كمال، دنيا سامي، والطفلين علي البيلي وريتال عبد العزيز، وعرض على العالمية.
وفي العمل، نجد “جورج” لا يختلط بأحد، ولا يغادر شقته، ولا يتعامل مع العالم إلا من وراء الباب، وفي أحد المشاهد، ينهار جورج بعد محاولة بسيطة للخروج، ليُظهر مدى رعب المصاب من مجرد الابتعاد عن “منطقة الأمان”.
اختتم الدكتور أبو سنة حديثه لـ«نبأ مصر» قائلًا: “تجسيد الأجروفوبيا في مسلسل كتالوج كان ذكيًا وإنسانيًا، وساعد على توعية الجمهور بأن المرض النفسي ليس بالضرورة صراخًا أو عنفًا، بل قد يكون انسحابًا من الحياة… وهذا يستحق الفهم لا الحكم”
إذا وجدت هذا الخبر في شبكة تواصل الإخبارية اعلم انه مسروق من موقع نبأ مصر.