تقرير: سمر أبو الدهب
في ظل التحديات الاقتصادية الحالية التي تعاني منها مصر، والتي تتجلى في عبء الدين العام الخارجي وتأثيراته السلبية على الموارد الدولارية المحدودة والقدرة الشرائية للمواطنين، تبرز الحاجة الملحة لتبني حلول مبتكرة وغير تقليدية، فلم يعد النهج التقليدي في إدارة الديون كافيًا لمواجهة الضغوط المتزايدة، مما دفع صانعي السياسة العامة لاستكشاف آليات جديدة تخفف من الأعباء المالية وتعزز النمو الاقتصادي في الوقت نفسه، ومن هنا، تبرز سياسة مبادلة الديون بالاستثمارات كحل استراتيجي واعد، حيث تقدم نموذجًا فريدًا لتحويل الالتزامات المالية إلى فرص تنموية، وتفتح آفاقًا جديدة لتعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر ودعم مسيرة التنمية المستدامة.
وفي هذا السياق، أوضح الدكتور رمزي الجرم، الخبير المصرفي، في تصريح خاص لـ”نبأ مصر”، أن قضية الدين العام الخارجي تُعتبر من أبرز التحديات التي تواجه صانعي السياسة العامة في مصر، ويأتي هذا التحدي بشكل خاص بعد توقعات صندوق النقد الدولي بزيادة وتيرة نمو قيمة الدين العام الخارجي لمستويات غير مسبوقة خلال السنوات القليلة القادمة.
وأشار “الجرم” إلى أنه على الرغم من التزام مصر بسداد أقساط الدين العام الخارجي وفوائده في مواعيدها المحددة، إلا أن تراكم الديون الخارجية المستحقة بدأ يهدد استهلاك الموارد الدولارية، وهذا الضغط يُثقل كاهل المواطنين، مما يسهم في ارتفاع معدلات التضخم بشكل مقلق.
وأكد الخبير الاقتصادي أن هذه التحديات دفعت صانعي السياسة العامة في الدولة لتبني حلول غير تقليدية لمواجهة مشكلة الدين العام الخارجي، ومن أبرز هذه السياسات هي مبادلة الديون بالاستثمارات، والتي تحقق فوائد للطرفين:
يمكنها الحصول على حجم كبير من الاستثمارات داخل مصر بقيمة الديون المستحقة جزئيًا أو كليًا، وكأنها حصلت على قيمة الديون المستحقة لسنوات مقبلة دفعة واحدة.
يستفيد من سداد الدين المستحق دون استنزاف الموارد الدولارية الشحيحة في سداد الأقساط وخدمة الديون عبر السنوات المقبلة، بالإضافة إلى ذلك، تزداد قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة داخل الاقتصاد المصري، وهو ما يُعتبر من أهم البدائل للخروج من الأزمة الاقتصادية الراهنة.
وتابع الخبير المصرفي أن تجربة برنامج مبادلة الديون المصرية الألمانية تُعتبر نموذجًا ناجحًا في هذا الاتجاه، حيث تمكنت الحكومة المصرية من توقيع اتفاقيات مبادلة ديون بإجمالي 340 مليون يورو لتمويل مشروعات تنموية في قطاعات متنوعة، وشملت هذه الاتفاقيات شريحة جديدة من البرنامج بقيمة 100 مليون يورو خلال الفترة من 2024 حتى 2026.
وتوقع أن تتجه العديد من الدول الدائنة إلى تبني سياسة مبادلة الديون مع الحكومة المصرية، ويعود ذلك بشكل خاص إلى تزايد جاذبية الاقتصاد المصري لتدفق المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وذلك بعد توفير البيئة الملائمة من خلال تطوير البنية التحتية وتبني حزمة من الإصلاحات الاقتصادية والمالية، وعلى رأسها قرارات مارس 2024.