متى يفقد الذهب قيمته؟ سؤال يتردد في أذهان العديد من المواطنين والمستثمرين، في ظل التقلبات التي يشهدها الاقتصاد العالمي، وتغير اتجاهات الاستثمار وأسواق المال، الذهب الذي لطالما اعتُبر ملاذًا آمنًا عبر العصور، ليس بمنأى عن التذبذب في قيمته، وإن كان يُعرف بثباته النسبي مقارنة بباقي الأصول.

مقال مقترح: اكتشف أسعار الذهب عيار 21 في السعودية.. مفاجآت جديدة في 29 يونيو 2025!
ورغم كونه أحد أقدم أشكال الثروة وأكثرها رسوخًا، إلا أن الحقيقة تقول إن الذهب يمكنه أن يفقد جزءًا من قيمته في بعض الظروف، نتيجة لتغيرات اقتصادية أو سياسية أو حتى تكنولوجية، وفي هذا التقرير، نرصد أبرز العوامل التي تؤدي إلى تراجع قيمة الذهب، مع تحليل معمّق للسياقات العالمية التي تتحكم في هذا السوق الحيوي.
الذهب في ميزان الاقتصاد: متى يفقد الذهب قيمته؟
في أوقات الأزمات الاقتصادية والتضخم، يتجه المستثمرون إلى شراء الذهب كوسيلة للتحوّط وحفظ القيمة، ما يدفع سعره عادة للارتفاع، لكن هناك حالات خاصة قد يفشل فيها الذهب في مواكبة التضخم، ما يجعله يفقد جزءًا من قيمته الشرائية.
ففي فترات الركود والانكماش، قد يرتفع سعر الذهب نتيجة انهيار قيم الأصول الأخرى، مما يعزز من مكانته كأداة آمنة، إلا أن ذلك لا يمنع من حدوث تراجع مؤقت في قيمته، خاصة في ظل التباطؤ العام للطلب الاستثماري والصناعي.
متى يفقد الذهب قيمته؟.. الإجابة تكمن في قانون العرض والطلب
مثل أي سلعة أخرى، يخضع الذهب لقوانين العرض والطلب، وهي من أبرز المحركات التي تؤثر على قيمته عالميًا، فزيادة إنتاج المناجم حول العالم، سواء بفضل اكتشافات جديدة أو تحسين تقنيات الاستخراج، تؤدي إلى زيادة المعروض في السوق، ما قد يدفع الأسعار نحو الهبوط إذا لم يواكبه ارتفاع في الطلب.
ومن ناحية أخرى، فإن الطلب الصناعي والاستثماري يلعب دورًا حاسمًا في تحديد السعر، فعندما يتراجع استخدام الذهب في الصناعات التكنولوجية أو تنخفض الاستثمارات في صناديق المؤشرات المرتبطة به، تقل القيمة السوقية للمعدن، وتبدأ مؤشرات التراجع في الظهور.
دور السياسات النقدية والحكومية في التحكم بقيمة الذهب
تُعد السياسات النقدية للبنوك المركزية عنصرًا شديد التأثير على سوق الذهب، فعندما ترفع البنوك أسعار الفائدة، يتجه المستثمرون إلى أدوات الادخار البنكي التي تقدم عائدًا مضمونًا، وبالتالي يتراجع الإقبال على الذهب، ما يؤدي إلى انخفاض قيمته، كما أن تدخلات الحكومات في بيع أو شراء كميات ضخمة من احتياطيات الذهب لديها، يُحدث تقلبات واضحة في السوق.
مواضيع مشابهة: أمان القابضة تطلق سندات توريق جديدة بقيمة 665.5 مليون جنيه لتعزيز نموها المالي
فعلى سبيل المثال، قيام إحدى الدول الكبرى بضخ كميات كبيرة من الذهب في السوق بهدف دعم عملتها أو اقتصادها، يمكن أن يتسبب في هبوط مفاجئ للأسعار.
هل تؤثر التكنولوجيا على قيمة الذهب؟
في ظل التطور التكنولوجي السريع، قد يظهر ما يُعرف بـ”بدائل الذهب” في الاستخدامات الصناعية، فبعض الشركات قد تستغني عن الذهب في صناعات الإلكترونيات أو الأجهزة الطبية لصالح معادن أخرى أرخص، مما يقلل من الطلب الصناعي على الذهب، ويؤثر على قيمته، وقد لا يحدث هذا الانخفاض فورًا، لكنه يمثل تحولًا استراتيجيًا طويل الأمد في كيفية استخدام الذهب، مما يؤدي إلى فقدانه تدريجيًا لجزء من قيمته كمعدن صناعي، وليس فقط كأداة ادخارية أو زينة.
المضاربة وسلاح ذو حدين
يُستخدم الذهب في كثير من الأحيان كأداة للمضاربة السريعة، خاصة من قبل صناديق التحوط والمستثمرين المحترفين، ولكن هذا الاستخدام المضاربي يؤدي أحيانًا إلى تقلبات حادة في الأسعار، وعند حدوث تصحيحات قوية في السوق، قد يخسر الذهب نسبة معتبرة من قيمته خلال فترة قصيرة، هنا يصبح السؤال منطقيًا: متى يفقد الذهب قيمته؟ الإجابة ببساطة: عندما يتحول من أداة استقرار إلى أداة مضاربة قصيرة الأجل، يتأثر بقرارات غير محسوبة أو تحركات جماعية من كبار اللاعبين في السوق
التوترات الجيوسياسية.. بين الدفع والركود
في حالات الحروب والأزمات الدولية، يُقبل المستثمرون على شراء الذهب، باعتباره ملاذًا آمنًا لا يفقد قيمته بسهولة، ولكن ما إن تهدأ الأوضاع السياسية وتعود الأسواق للاستقرار، يبدأ الطلب في التراجع تدريجيًا، ما ينعكس سلبًا على قيمة الذهب، كما أن الحروب التجارية بين القوى الكبرى، مثل الولايات المتحدة والصين، تُحدث تذبذبًا في العملات والأسواق المالية، وهو ما يؤثر مباشرة على قيمة الذهب.
تراجع الذوق العام وتأثيره على المجوهرات الذهبية
من العوامل الأقل تداولًا، لكنها مؤثرة، هي التغيرات في الأذواق والموضة العالمية، فإذا ما تراجع الطلب على المجوهرات الذهبية نتيجة تغيّر الأنماط الاجتماعية أو الثقافية، خاصة بين فئة الشباب، فإن ذلك يُضعف الطلب على الذهب كمادة خام، ويؤثر على سعره في الأسواق.
هل فقد الذهب قيمته في الماضي؟
تاريخيًا، واجه الذهب فترات تراجع ملحوظة، أبرزها في أوائل الثمانينات بعد موجة ارتفاعات ضخمة، وكذلك في 2013 عقب موجة بيعية جماعية، هذه الفترات أكدت أن الذهب ليس استثناءً من قاعدة “ما يصعد، يهبط”، لكنه يظل خيارًا مستقرًا نسبيًا مقارنةً بالأسهم والعملات الرقمية.
متى يفقد الذهب قيمته؟ الإجابة ليست مطلقة
ختامًا، فإن السؤال “متى يفقد الذهب قيمته؟” لا يحمل إجابة واحدة، بل يخضع لجملة من العوامل المتشابكة، منها ما هو اقتصادي ومنها ما هو سياسي وتقني وسلوكي، والذهب، رغم مكانته التاريخية، ليس معصومًا من التغيرات التي تضرب الأسواق العالمية، لكنه يظل خيارًا استثماريًا طويل الأجل يتمتع بدرجة عالية من الأمان والثقة.
تعليقات