في تصعيد جديد ينذر بتوترات تجارية متزايدة على الساحة الدولية، شنّ الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، هجومًا على مجموعة بريكس التي تضم 11 دولة ناشئة، ملوحًا بفرض رسوم إضافية بنسبة 10% على الدول التي تتبنى سياسات المجموعة التي وصفها بـ”المعادية لأمريكا”.
وقال ترامب، في منشور عبر منصته “تروث سوشيال” أمس الأحد، إن “أي دولة تصطف مع سياسات بريكس المعادية للولايات المتحدة ستُفرض عليها رسوم إضافية بنسبة 10% دون استثناءات” وأضاف في منشور لاحق أنه سيبدأ اعتبارًا من اليوم الإثنين بإرسال رسائل رسمية إلى عدد من حكومات العالم، لحثّها على إبرام اتفاقات تجارية ثنائية مع واشنطن، أو مواجهة عقوبات جمركية قاسية.
في الوقت الذي أطلق فيه ترامب تهديداته، كان قادة مجموعة بريكس يعقدون قمتهم السنوية في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية وسط إجراءات أمنية مشددة، وعلى وقع تصاعد التوترات مع واشنطن.
وأصدر القادة في اليوم الأول للقمة بيانًا مشتركًا أعربوا فيه عن “قلقهم البالغ” إزاء ما وصفوه بـ”الإجراءات الجمركية وغير الجمركية المُشوّهة للتجارة” في إشارة مباشرة إلى سياسات ترامب، كما أدان البيان الضربات العسكرية الأمريكية الأخيرة على إيران، معتبرًا أنها تقوّض الاستقرار الدولي.
وقالت المجموعة إن “فرض رسوم جمركية تعسفية وغير قانونية يُهدد بتقويض التجارة العالمية، وتعطيل سلاسل التوريد، وخلق حالة من عدم اليقين في الاقتصاد العالمي”.
تُعقد القمة هذا العام في ظل غياب لافت للرئيس الصيني شي جين بينغ، لأول مرة منذ 12 عامًا، فضلًا عن غياب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يواجه مذكرة توقيف دولية صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية، على خلفية اتهامات بترحيل أطفال أوكرانيين إلى روسيا.
لكن بوتين ألقى كلمة عبر الفيديو اعتبر فيها أن “زمن القطب الأوحد قد ولّى” مؤكدًا أن بريكس أصبحت “أحد المراكز الرئيسية للحكم العالمي”.
من جانبه، رسم الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا صورة قاتمة للوضع الدولي، قائلاً في افتتاح القمة: “نعيش انهيارًا غير مسبوق للنهج التعددي” مشيرًا إلى أن العالم بحاجة إلى “نظام اقتصادي أكثر عدالة وشمولًا”
في واشنطن، أكد وزير الخزانة الأمريكي سكوت بينسنت أن الرسوم الجمركية الجديدة التي أعلن عنها ترامب ستدخل حيّز التنفيذ اعتبارًا من 1 أغسطس المقبل، ما لم يتم التوصل إلى اتفاقيات ثنائية مع دول مثل تايوان ودول الاتحاد الأوروبي.
وكان ترامب قد أحدث في أبريل الماضي صدمة واسعة عندما أعلن عن زيادات ضخمة في الرسوم الجمركية على جميع الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، وصلت في بعض الحالات إلى 50% لكنه عاد وأجّل تنفيذ هذه القرارات حتى 9 يوليو الجاري، مانحًا الفرصة للدول للتفاوض.
تمثّل مجموعة بريكس، التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا إلى جانب ست دول جديدة انضمت في 2023، نحو نصف سكان العالم و40% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وتسعى إلى إعادة تشكيل النظام الاقتصادي الدولي بعيدًا عن الهيمنة الغربية.
في سعيها لتعزيز دورها العالمي، دعت المجموعة إلى وضع إطار تنظيمي عالمي لقطاع الذكاء الاصطناعي، مشددة على ضرورة ألا تُحتكر هذه التكنولوجيا من قِبل الدول الغنية فقط، وسط هيمنة أمريكية واضحة على هذا القطاع، رغم ما تحرزه الصين وبعض الدول الأخرى من تقدم.
تأمل البرازيل، التي تستضيف في نوفمبر المقبل قمة الأمم المتحدة للمناخ “كوب 30” في التوصل إلى توافق دولي حول قضايا المناخ، في ظل تراجع الالتزام العالمي بخطط خفض الانبعاثات، وتزايد الانقسامات حول التمويل والتكنولوجيا.