صدر حديثًا عن الأديبة الدكتورة سحر الحسيني كتاب “حكايات قلب جدة – عالية ونوح – من ضوء قلبي إليكما”، حيث يُعيد هذا العمل تعريف مفهوم الحكاية الأسرية ويقدم نموذجًا إنسانيًا فريدًا يتجاوز التصنيفات التقليدية لكتب الطفولة أو التربية.
في قراءة نقدية بعنوان “بين دفتيّ قلبٍ ينبض لا كتابٍ يُقرأ”، كتب وليد بركات مراجعة مزجت بين الأدب والتحليل، مشيرًا إلى أن الكتاب لا يقتصر على تقديم حكايات تُروى على وسادة المساء، بل يمنح القارئ مرآة صادقة يرى فيها نفسه، وينسج علاقة وجدانية مع الزمن، والحنين، والانتماء للذات.
ورأى بركات أن الكاتبة لم تكتب لتُسلي، بل لتربّي، وتحتضن، وتهمس بما لم يُقل في الكتب التقليدية، إذ خاطبت أحفادها “عالية” و”نوح” بكلمات تسبق الوجود، محمّلة بحبٍ ينتمي لما قبل الولادة، ويتجاوز شرط اللقاء.
“الكتاب لا يلقّن أبناءنا ما يجب فعله، بل يعلّمهم أن يكونوا صادقين مع أنفسهم، أن يبكوا حين يستحق البكاء، ولو ضحك الجميع”، هكذا وصف الكاتب الرسالة العميقة التي يحملها النص.
وأكد أن الحسيني لم تلجأ إلى الحكايات الشعبية المتوارثة، بل صنعت سردًا جديدًا، لا يبتغي البطولة ولا الفانتازيا، بل يراهن على الحقيقة والجمال في الحياة اليومية، وعلى بشرية الطفل كما هي، لا كما يُفترض أن تكون.
وجاء في المراجعة أن الكتاب يحمل في جوهره حبًا لا يُدرّس في الكتب ولا يُلقّن في المحاضرات، بل يُعاش ويتجسد في كل سطر تكتبه الكاتبة لجيل لم يولد بعد.
واستوقفت بركات عبارة وردت في الكتاب: “سيحاول العالم أن يقنعكم أن كل إنسان وحده”، معتبرًا إياها مفتاحًا لفهم فلسفة النص، ومفتاحًا للتمرد على منطق العزلة الذي يسود الثقافة المعاصرة
وأشار إلى أن الكتاب لا يخص الأحفاد وحدهم، بل هو أيضًا للبالغين الذين يفتّشون عن ذواتهم بين ضغوط الحياة اليومية، ويبحثون عن صوتٍ يهمس في قلوبهم لا في آذانهم.
وفي ختام المراجعة، اعتبر بركات أن كتاب “حكايات قلب جدة” من تلك الأعمال التي لا تُقرأ مرة واحدة، بل تسكن القارئ، ويشعر عند كل قراءة وكأنها كُتبت له وحده، قائلاً: “افتح الكتاب من أي صفحة، وستجد أن قلبك بدأ القراءة قبل عينيك، وأن روحك قد سبقتك إلى الفهم”
جدير بالذكر أن الدكتورة سحر الحسيني، من خلال هذا العمل، لم تُهده فقط إلى حفيديها، بل قدّمت من خلاله دفئًا ومعرفةً وإنسانيةً، مستحقة بذلك موقعًا خاصًا بين الأدب الذي يُربّي، ويُحب، ويُذكّرنا بأن الحبّ الحقيقي يبدأ قبل الكلمات.