تعيش أسواق النفط العالمية حالة من الترقب والقلق، بسبب التطورات السريعة المتعلقة بقرارات إنتاج منظمة “أوبك+”، والمفاوضات النووية بين الولايات المتحدة وإيران، والتوترات التجارية المتجددة بين واشنطن والاتحاد الأوروبي.
ورغم أن أسعار النفط شهدت تراجعات طفيفة، إلا أن الأنظار تتجه نحو الاجتماع المرتقب لـ “أوبك+”، الذي قد يسفر عن قرارات حاسمة تتعلق بزيادة الإنتاج، في محاولة لتعزيز الحصص السوقية، وسط تحسن توقعات الطلب العالمي.
انخفضت أسعار العقود الآجلة لخام برنت بمقدار 50 سنتًا، أو ما يعادل 0.7%، لتستقر عند 68.30 دولارًا للبرميل، كما تراجع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بنفس القيمة، بنسبة 0.75%، ليغلق عند 66.50 دولارًا.
وعلى الرغم من هذا التراجع، فإن خام برنت لا يزال أعلى بنسبة 0.8% مقارنة بإغلاق الجمعة الماضية، فيما سجل خام غرب تكساس الوسيط ارتفاعًا أسبوعيًا بنحو 1.5%.
يأتي هذا التراجع في ظل ترقب الأسواق لاجتماع “أوبك+”، إذ تشير التوقعات إلى احتمال قيام ثماني دول أعضاء في التحالف بزيادة إنتاجها بمقدار إضافي يبلغ نحو 411 ألف برميل يوميًا خلال شهر أغسطس، لتكون بذلك الزيادة الرابعة على التوالي في سلسلة زيادات شهرية تهدف إلى دعم الإنتاج.
وقال تاماس فارغا، المحلل في شركة “بي.في.إم”، إن هذه الخطوة المحتملة قد تدفع المحللين إلى إعادة تقييم ميزان النفط العالمي خلال النصف الثاني من العام، مما قد يؤدي إلى تسارع وتيرة تراكم الاحتياطيات النفطية، وبالتالي التأثير على الأسعار.
من جانبه، أوضح فيل فلين، كبير المحللين في “برايس فيوتشرز جروب”، أن الأسواق شهدت عمليات جني أرباح في ظل مخاوف من أن تقوم أوبك برفع الإنتاج بأكثر من المتوقع، مؤكدًا أن المستثمرين يفضلون التريث لمراقبة نتائج الاجتماع المرتقب، إلى جانب رصد تداعيات حزمة التحفيز الاقتصادي التي يعتزم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب توقيعها، والتي تشمل تخفيضات ضريبية وإنفاق حكومي ضخم.
تزايدت الضغوط على أسعار النفط أيضًا بعد تقارير أفادت باستعداد الولايات المتحدة لاستئناف المحادثات النووية مع إيران خلال الأسبوع المقبل، في خطوة قد تفتح الباب لعودة الصادرات الإيرانية إلى السوق.
وفي هذا السياق، أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن طهران ما تزال ملتزمة بمعاهدة حظر الانتشار النووي.
في تطور آخر، عادت التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى الواجهة، مع اقتراب نهاية فترة التهدئة التي امتدت 90 يومًا بشأن فرض تعريفات جمركية جديدة.
ووفقًا لما ذكره ستة دبلوماسيين من الاتحاد الأوروبي، فإن المحادثات لم تحقق تقدمًا ملموسًا حتى الآن، مما يثير احتمالات تمديد الوضع الراهن لتفادي التصعيد الجمركي.
وفي سياق متصل، رفع بنك “باركليز” توقعاته لأسعار النفط خلال السنوات المقبلة، مستندًا إلى تحسن الطلب العالمي، حيث رفع تقديره لسعر خام برنت في 2025 إلى 72 دولارًا للبرميل، بزيادة قدرها 6 دولارات عن التقدير السابق، كما رفع توقعاته لعام 2026 إلى 70 دولارًا، بزيادة 10 دولارات.
بين ترقب الأسواق لقرارات “أوبك+”، وتطورات الملف النووي الإيراني، والتجاذبات التجارية بين واشنطن وبروكسل، يبقى سوق النفط في حالة انتظار لما ستؤول إليه الأحداث، والتي سيكون لها أثر بالغ على الأسعار في الفترة المقبلة.