تراجع حاد في صناعة آسيا نتيجة تصاعد التوترات التجارية مع الولايات المتحدة

يشهد قطاع التصنيع في آسيا تراجعًا حادًا خلال يونيو، مما يثير القلق بشأن آفاق النمو في المنطقة، وذلك مع اقتراب تطبيق زيادات جديدة في الرسوم الجمركية الأميركية على الواردات الأسبوع المقبل، في إطار تصعيد متجدد في الحرب التجارية.

تراجع حاد في صناعة آسيا نتيجة تصاعد التوترات التجارية مع الولايات المتحدة
تراجع حاد في صناعة آسيا نتيجة تصاعد التوترات التجارية مع الولايات المتحدة

فقد أظهرت بيانات مؤشرات مديري المشتريات الصادرة عن شركة “إس آند بي غلوبال” (S&P Global) يوم الثلاثاء، أن الاقتصادات الآسيوية المعتمدة على التصدير، مثل تايوان وفيتنام، شهدت مزيدًا من التدهور في نشاط المصانع، وذلك وسط تراجع مستمر في حجم الطلبات الجديدة، والإنتاج، والتوظيف.

تراجع واسع يقوده ضعف الطلب

في تايوان، انخفض مؤشر مديري المشتريات إلى 47.2 نقطة في يونيو، مقابل 48.6 في مايو، مما يعكس انكماشًا متزايدًا في القطاع الصناعي، وأوضحت أنابيل فيديس، من “إس آند بي غلوبال ماركت إنتليجنس”، أن “الطلبات الجديدة ومبيعات التصدير تراجعت بوتيرة أسرع، في ظل استمرار ضعف الطلب من الأسواق المحلية والخارجية، وقلق الشركات من الرسوم الجمركية وتردد العملاء”.

أما كوريا الجنوبية، التي تُعتبر من الاقتصادات الصناعية الكبرى في آسيا، فقد سجلت تحسنًا طفيفًا، حيث ارتفع المؤشر إلى 48.7 نقطة في يونيو مقارنة بـ47.7 في مايو، إلا أن القراءة بقيت دون مستوى 50 نقطة، الفاصل بين التوسع والانكماش، وأفادت “إس آند بي” بأن بعض الشركات استفادت من تسريع عمليات الشحن قبيل دخول الرسوم الجمركية المتبادلة حيّز التنفيذ، مما ساهم مؤقتًا في دعم الصادرات.

فيتنام وماليزيا في عمق الانكماش

الانكماش بدا أكثر وضوحًا في دول جنوب شرق آسيا، حيث سجلت فيتنام وماليزيا وإندونيسيا قراءات ضعيفة لمؤشرات مديري المشتريات، وكانت إندونيسيا الأكثر تراجعًا، إذ سجل المؤشر فيها 46.9 نقطة في يونيو، وهي أدنى قراءة في المنطقة.

هذا التراجع الجماعي يمثل جرس إنذار لآسيا، التي تُوصف بكونها “ورشة العالم”، لا سيما مع اقتراب انتهاء فترة السماح الجمركي البالغة ثلاثة أشهر، والتي أعلنتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ومن المقرر أن تدخل الرسوم الجديدة حيّز التنفيذ في 9 يوليو، ما لم يتم التوصل إلى تفاهمات جديدة.

تهديدات أميركية جديدة ضد اليابان

التوترات التجارية لم تقتصر على الصين وحدها، إذ صعّد ترمب تهديداته ضد اليابان، ملوّحًا بفرض رسوم جمركية تصل إلى 24% على واردات السلع اليابانية، احتجاجًا على رفض طوكيو استيراد الأرز الأميركي، ومن المقرر تطبيق هذه الرسوم في 9 يوليو ما لم تُبرم صفقة تجارية جديدة.

في الأثناء، أظهرت بيانات التصنيع في اليابان تحسنًا طفيفًا، حيث ارتفع مؤشر مديري المشتريات إلى 50.1 نقطة في يونيو، وهو أعلى مستوى منذ مايو 2024، مما يعكس بداية استقرار في القطاع، ورافق هذا التحسن نمو في الإنتاج والتوظيف، مدفوعًا بتفاؤل نسبي تجاه أداء العام المقبل.

لكن فيديس أكدت أن هذا التحسن “لن يستمر ما لم يتحقق تحسن حقيقي في الطلب الاستهلاكي”، الذي لا يزال يعاني من ضعف عام بفعل حالة عدم اليقين المحيطة بسياسات الرسوم الجمركية الأميركية.

في ظل استمرار الجمود في المفاوضات التجارية، وتحضيرات واشنطن للإعلان عن اتفاقات تجارية جديدة مع الصين والمملكة المتحدة بعد عطلة الرابع من يوليو، تبقى التوقعات قاتمة، إذ يخشى الخبراء من أن تؤدي الرسوم الجديدة إلى ضغوط إضافية على اقتصادات آسيا المصدّرة، وسط تباطؤ عالمي متزايد، وقلق المستثمرين من دخول الأسواق العالمية في مرحلة ركود صناعي طويل الأمد.