في ظل التحديات الاقتصادية التي يمر بها العالم، ومع تزايد معدلات التضخم وتقلبات الأسواق المالية، يتبادر إلى الأذهان سؤال مهم للمستثمرين والمواطنين على حد سواء: أيهما أفضل لحفظ المال الذهب أم الدولار؟

مقال له علاقة: استقرار سعر الذهب اليوم الخميس 22 مايو 2025 في بداية التداولات
هذا التساؤل لم يعد مجرد خيار بين عملة ومعدن، بل أصبح قرارًا استراتيجيًا يؤثر بشكل مباشر على مستقبل المدخرات الشخصية وأمان الأصول المالية، خاصة في الدول التي تعاني من تذبذب في قيمة عملتها المحلية أو ارتفاع مستمر في أسعار السلع والخدمات.
مواضيع مشابهة: خبيرة أسواق المال تكشف: السوق في اتجاه صعودي وعمليات جني الأرباح تعكس صحة استعدادنا لمرحلة جديدة من الزخم
الذهب.. الملاذ الآمن في وجه العواصف الاقتصادية
يُعرف الذهب منذ القدم بلقب “الملاذ الآمن”، ولم يكن هذا الوصف وليد الصدفة، فالذهب يمتاز بقدرته على الاحتفاظ بالقيمة على المدى الطويل، خصوصًا في أوقات الأزمات الاقتصادية والحروب والتقلبات السياسية.
الذهب كحماية من التضخم
عندما ترتفع معدلات التضخم، أي تنخفض القيمة الشرائية للعملات، يلجأ المستثمرون عادة إلى شراء الذهب، فالذهب لا يُطبع مثل العملات الورقية، ولا يرتبط بأي سياسات نقدية أو سياسية، مما يجعله أقل عرضة للتقلبات العنيفة.
ويحافظ الذهب على قيمته في ظل التضخم، بل وفي أحيان كثيرة يحقق مكاسب تفوق نسبة التضخم ذاتها، وهذا ما يدفع البعض إلى ترجيح كفته حين يُطرح السؤال: أيهما أفضل لحفظ المال الذهب أم الدولار؟
تنويع المحفظة الاستثمارية
يلعب الذهب أيضًا دورًا محوريًا في تنويع المحافظ الاستثمارية، إذ لا يتحرك سعره غالبًا بنفس الاتجاه الذي تتحرك فيه أسواق الأسهم أو السندات، لذا فإن وجود الذهب في المحفظة يساعد على تقليل المخاطر الكلية للاستثمار.
سلبيات الذهب
رغم مميزاته، إلا أن الذهب لا يدر دخلاً ثابتًا مثل الفوائد أو الأرباح النقدية، كما أن تخزينه أو تداوله قد يتطلب بعض التكاليف، سواء من حيث التأمين أو الحفظ، وهذا بالإضافة إلى أنه أقل سيولة مقارنة بالدولار، أي يصعب استخدامه في المعاملات اليومية.
الدولار.. عملة عالمية واستثمار مرن
في الجانب الآخر من المعادلة، يبرز الدولار الأمريكي كعملة عالمية رئيسية، تُستخدم في معظم المعاملات التجارية الدولية، وتُعد مرجعًا في تقييم العملات الأخرى.
الدولار واستقرار الأسواق
في أوقات النمو الاقتصادي، يُعد الدولار خيارًا جذابًا للمستثمرين، نظرًا لاستقراره النسبي وقدرته على تحقيق عوائد جيدة في الأجل القصير، من خلال الاستثمار في أدوات مثل أذون الخزانة الأمريكية أو السندات الحكومية.
سهولة الاستخدام
يُعد الدولار أكثر مرونة من الذهب من حيث الاستخدام اليومي، سواء في الشراء أو الدفع أو تحويل الأموال، كما أن تداوله لا يتطلب إجراءات معقدة، وهو مقبول في معظم أنحاء العالم، مما يجعله خيارًا عمليًا للغاية.
الدولار والتضخم
لكن عند الحديث عن أيهما أفضل لحفظ المال الذهب أم الدولار؟ في فترات التضخم، فإن الدولار يفقد جزءًا من قوته الشرائية، خاصة إذا لم يصاحبه رفع للفائدة من قِبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، ما قد يقلل من جاذبيته كأداة لحفظ القيمة.
المقارنة بالأرقام
لنأخذ مثالًا عمليًا: لو أن شخصًا اشترى ذهبًا بقيمة 1000 دولار عام 2000، لكانت قيمة الذهب اليوم قد تضاعفت عدة مرات، في حين أن الدولار نفسه فقد نسبة من قيمته الشرائية بسبب التضخم على مدى العقدين الماضيين، لكن في المقابل، لو استُثمر هذا المبلغ في سندات أو أسهم مدعومة بالدولار في فترات النمو، لربما حقق عوائد أسرع، وإن كانت مصحوبة بمخاطر أعلى.
أيهما أفضل لحفظ المال الذهب أم الدولار؟ رأي الخبراء
يرى خبراء المال والاقتصاد أن المفاضلة بين الذهب والدولار تعتمد بشكل أساسي على أهداف المستثمر أو المدخر، وكذلك على الأفق الزمني للاستثمار، إذا كان الهدف هو حفظ قيمة المال على المدى الطويل مع تقليل المخاطر، فالذهب هو الخيار الأنسب، أما إذا كان الهدف هو الحصول على سيولة سريعة وتحقيق عوائد قصيرة الأجل، فقد يكون الدولار أكثر مناسبة.
وفي هذا السياق، يقول الدكتور محمود عمارة، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، إن: “الذهب مناسب للأفراد الذين يريدون حماية أموالهم من تقلبات السوق والتضخم، في حين أن الدولار مناسب للمعاملات اليومية والاستثمار قصير الأجل، خاصة في الاقتصاديات المستقرة”.
نصيحة ختامية: التنويع هو الحل الأمثل
بدلًا من الاكتفاء باختيار طرف واحد من المعادلة، يُنصح الخبراء بتوزيع المدخرات بين الذهب والدولار، وفق نسبة تتناسب مع أهداف الشخص ومستوى المخاطرة الذي يمكن تحمله، فعلى سبيل المثال، يمكن تخصيص 60% من المدخرات للذهب و40% للدولار في أوقات الأزمات، أو العكس في أوقات الاستقرار الاقتصادي، هذا التوازن يُقلل من المخاطر، ويمنح صاحب الأموال مرونة في التعامل مع المستجدات الاقتصادية.
الخلاصة
أيهما أفضل لحفظ المال الذهب أم الدولار؟ الإجابة ليست ثابتة، بل تتغير حسب الظروف الاقتصادية والاحتياجات الفردية، فالذهب يُعتبر درعًا واقيًا ضد الأزمات والتضخم، بينما الدولار يمنح سهولة في التعامل وفرصة لتحقيق عوائد سريعة في بعض الأحيان، لكن يبقى الأهم هو اتخاذ القرار بناءً على فهم دقيق للسوق، واستشارة الخبراء عند الضرورة، وعدم الانجرار وراء الاتجاهات السائدة دون تقييم حقيقي للظروف الخاصة بكل شخص.
تعليقات