تقرير: سمر أبو الدهب
شهدت الفترة الأخيرة صراعًا إقليميًا له تأثيرات واسعة، تمثل في التوترات بين إيران وإسرائيل، ورغم توقف إطلاق النار، إلا أن تداعياته السلبية انتشرت لتؤثر على الاقتصاد العالمي، وخاصة على الاقتصادات الناشئة.
يهدف هذا التقرير إلى تحليل كيفية تأثير هذا الصراع على الاقتصاد المصري، مع تسليط الضوء على العوامل التي ساعدت الاقتصاد الوطني في إظهار مرونة ملحوظة في مواجهة هذه التحديات، خصوصًا في ظل الإصلاحات الاقتصادية الأخيرة والتدفقات الاستثمارية التي شهدتها البلاد.
قال الدكتور رمزي الجرم، خبير اقتصادي، في تصريح خاص لـ «نبأ مصر»، إنه رغم وقف إطلاق النار الذي استمر لمدة 12 يومًا بين إيران وإسرائيل، وانخراط الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية في هذا النزاع، إلا أن هذه الحرب خلفت تداعيات سلبية على الاقتصاد العالمي، وقد كان لهذا التأثير انعكاس كبير على الاقتصادات الناشئة، بما في ذلك الاقتصاد المصري، خاصة في ظل مشاركة الولايات المتحدة، صاحبة أكبر اقتصاد عالمي، في هذا الصراع.
نقاط قوة الاقتصاد المصري في مواجهة الصدمات.
تابع الجرم، ومع ذلك، واجهت هذه التداعيات السلبية العديد من التطورات الإيجابية في الاقتصاد المصري خلال الفترة الماضية، والتي أثرت بشكل إيجابي على تحسين المؤشرات الكلية للاقتصاد الوطني، حيث جاء اندلاع الأزمة الإيرانية الإسرائيلية في توقيت أفضل نسبيًا مما كان عليه الوضع بعد مارس 2022، عندما شهد الاقتصاد المصري نزوح حوالي 22 مليار دولار أمريكي خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام نفسه نتيجة للحرب الروسية الأوكرانية، تلك الفترة شهدت ارتفاعًا في معدلات التضخم لتتجاوز 30%، ولجوء صانعي السياسة النقدية إلى تخفيض قيمة العملة المحلية أمام الدولار الأمريكي عدة مرات، مما أثر سلبًا على أسعار السلع الغذائية الأساسية.
الإصلاحات الاقتصادية وصفقة رأس الحكمة.
استطرد الجرم، في المقابل، تبنت الحكومة المصرية حزمة من الإصلاحات الاقتصادية والمالية والنقدية، خاصة من خلال قرارات مارس 2024، وكان تنفيذ أكبر صفقة استثمار مباشر في تاريخ مصر في منطقة رأس الحكمة نقطة تحول كبرى، حيث هيأت الاقتصاد المصري للتكيف مع الصدمات الاقتصادية، لا سيما تلك التي أفرزتها الحرب الإيرانية الإسرائيلية.
استقرار سوق الصرف الأجنبي وتعزيز الاحتياطيات.
ولفت، أن هذا التطور كان واضحًا بشكل ملحوظ فيما يتعلق بسوق الصرف الأجنبي، حيث لوحظ استقراره خلال فترة الحرب، ولم تكن هناك تحركات ملموسة في أسعار صرف الدولار أو العملات الأجنبية الأخرى مقابل الجنيه المحلي، وربما يرجع ذلك بشكل أساسي إلى ارتفاع قيمة الاحتياطيات الدولية لمصر لدى البنك المركزي المصري لتتجاوز حاجز 48 مليار دولار أمريكي، بالإضافة إلى الزيادة الملحوظة في مصادر النقد الأجنبي على خلفية نمو غير مسبوق في حصيلة الصادرات غير النفطية والاستثمارات الأجنبية المباشرة.
تدفق الاستثمارات والحفاظ على جاذبية أسعار الفائدة.
وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أن حتى الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة في أدوات الدين الحكومية “الأموال الساخنة”، والبالغة نحو 38 مليار دولار أمريكي حاليًا، لم تتأثر بشكل ملموس، ويعود ذلك إلى أن أسعار الفائدة في السوق المحلي لا تزال تتمتع بجاذبية خاصة، وربما يكون هذا أحد أهم الأسباب التي حافظت على استقرار سعر صرف الدولار والعملات الأجنبية الأخرى أمام الجنيه المصري ومنعت أي قفزات ملموسة.
لافتًا، كان تنفيذ برنامج جيد مع صندوق النقد الدولي خلال الفترة السابقة له انعكاسات إيجابية ملموسة على استقرار سوق الصرف الأجنبي، نظرًا لتدفق المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة بشكل كبير خلال الفترة الماضية والحالية أو القادمة، وعلاوة على ذلك، فقد جعلت قرارات مارس 2024 سوق الصرف الأجنبي أكثر صلابة في مواجهة أي صدمات مالية طارئة.