السينما وهجرة الرسول، عنوان يتكرر كل عام مع اقتراب رأس السنة الهجرية، ليعيد إلى أذهاننا واحدة من أعظم لحظات التاريخ الإسلامي وأكثرها تأثيرًا في مسار الدعوة، وهي الهجرة النبوية الشريفة.

مقال له علاقة: وزير الثقافة يعبر عن حزنه لفقدان الفنانة سميحة أيوب.. خسارة كبيرة للفن المصري والعربي
لكن ما علاقة هذه اللحظة العظيمة بشاشة السينما؟ وكيف استطاع الفن السابع أن يلامس هذا الحدث الضخم، ويقدمه بطريقة تجمع بين الدقة التاريخية والتأثير الإنساني؟
ورغم أن كتب السيرة النبوية زاخرة بالتفاصيل الدقيقة عن هجرة النبي محمد ﷺ من مكة إلى المدينة، فإن للسينما طريقتها الخاصة في تقديم القصص، لا بالكلمات فقط، بل بالصورة والمشاعر والانفعالات، وهو ما يجعلها أداة قوية في ترسيخ المفاهيم الدينية والتاريخية في ذهن الجمهور، خاصة الأجيال الجديدة.
السينما وهجرة الرسول في ذاكرة الشاشة
قدمت السينما المصرية والعربية عددًا محدودًا من الأعمال التي تناولت الهجرة النبوية بشكل مباشر أو غير مباشر، لكنها رغم قلتها، كانت قوية التأثير، وظلت حاضرة في وجدان المشاهدين حتى اليوم.
فيلم ظهور الإسلام (1951):
من أوائل المحاولات السينمائية التي اقتربت من سيرة الرسول ﷺ والهجرة، وهو فيلم مأخوذ عن رواية “الوعد الحق” لطه حسين، حيث قدم الفيلم لمحة عن بدايات الإسلام وصراعه مع الجاهلية في مكة.
رغم بساطة الإنتاج حينها، إلا أن عمق الفكرة وروحها الدينية جعلا الفيلم من الأعمال المهمة، شارك فيه أحمد مظهر وعماد حمدي، وأخرجه إبراهيم عز الدين.
فيلم هجرة الرسول (1964):
ربما يكون هذا الفيلم هو الأشهر فيما يخص حدث الهجرة مباشرة، أنتجته الفنانة ماجدة الصباحي، التي آمنت بقوة الفن في إيصال القيم الإسلامية.
ركز الفيلم على الشخصيات التي لمسها نور الإسلام وغيّر حياتها، مثل الراقصة “سارة”، والعبد “فارس”، والأمة “حبيبة”، مما أعطى الفيلم بعدًا إنسانيًا أكثر من كونه تاريخيًا فقط.
فيلم عظماء الإسلام (1970):
وهو استكمال للرؤية التي بدأت بها ماجدة الصباحي في تناول المراحل الأولى للإسلام، يروي الفيلم سيرة الخلفاء الراشدين الأربعة بعد وفاة النبي ﷺ، وهو من إخراج نيازي مصطفى، لا يتناول الهجرة بشكل مباشر، لكنه جزء من توثيق امتداد الرسالة التي بدأت بالهجرة.
فيلم الرسالة (1976):
يظل هذا الفيلم، بنسختيه العربية والإنجليزية، هو المرجع الأهم والأقوى في تجسيد السيرة النبوية والهجرة، أخرجه مصطفى العقاد، وجسّد فيه عبد الله غيث في النسخة العربية دور البطولة.
اقرأ كمان: استعدوا لموسم حفلات عيد الأضحى 2025 مع محمد عبده وأنغام وتامر حسني في تجربة غنائية لا تُنسى!
نجح الفيلم في المزج بين الدقة التاريخية والدراما المؤثرة، وهو ما جعله يعرض باستمرار في المناسبات الدينية، ويُشاهد في أنحاء العالم الإسلامي حتى اليوم.
الهجرة على الشاشة بين الدراما والرسالة
السينما وهجرة الرسول ليست فقط قصة تاريخية تُروى، بل تجربة إنسانية وفكرية عظيمة، فالهجرة كانت بداية تأسيس الدولة الإسلامية، وتحولًا حاسمًا في أسلوب الدعوة، حيث انتقل المسلمون من حالة الاضطهاد إلى مجتمع قائم على الأخوة والعدالة.
ومن هنا، كان تجسيد الهجرة على الشاشة مسؤولية فنية كبيرة تتطلب حسًّا دقيقًا وروحًا صادقة.
كل فيلم من الأفلام التي تناولت الهجرة لم يكن مجرد إعادة سرد لوقائع محفوظة، بل سعى لنقل مشاعر الصحابة ومعاناتهم وإيمانهم، وهي الزاوية التي لا توفرها الكتب دائمًا.
ولهذا كان دور السينما مهمًّا في تقريب الفكرة للمشاهد، خاصة في عصر الصورة والتأثير البصري.
تعليقات