كتبت أسماء محمود:
في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية، يدخل الاقتصاد العالمي مرحلة جديدة من الضبابية وعدم اليقين، حيث تتفاقم الأزمات الاقتصادية في أسواق الطاقة والاقتصاد الإقليمي والعالمي، وسط حرب تجارية قائمة بالفعل.
تدخل الحرب بين إسرائيل وإيران يومها العاشر، مع مؤشرات تدل على أنها قد تتحول إلى حرب استنزاف طويلة، رغم عدم قدرة البلدين على تحمل هذا النوع من الحروب لفترات طويلة.
بعد الضربات الجوية الإسرائيلية، والرد الصاروخي المباشر من إيران، انزلقت المنطقة إلى دوامة تصعيد غير مسبوقة، مما خلف آثارًا ملموسة على أسواق النفط والطاقة، وسلاسل الإمداد العالمية، وثقة المستثمرين.
قال الخبير الاقتصادي أحمد خطاب، عضو مجلس الأعمال المصري الكندي، إن الحرب الدائرة بين إسرائيل وإيران منذ عشرة أيام تُكبِّد الاقتصاد الإسرائيلي ملايين الدولارات يوميًا، مما قد يقيِّد قدرة تل أبيب على الاستمرار لفترات طويلة.
وأشار إلى أن تقديرات صحفية، بما في ذلك تقرير لـ”وول ستريت جورنال”، تؤكد أن تكلفة هذه الحرب خلال شهر واحد ستكون أعلى بكثير من تكلفة الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة.
في هذا السياق، كشفت صحيفة “كالكاليست” العبرية أن هيئة التعويضات التابعة لسلطة الضرائب الإسرائيلية تلقت أكثر من 30,735 طلب تعويض منذ بداية الحرب المباشرة مع إيران، حيث قدّم نحو 5 آلاف شخص طلباتهم خلال آخر 24 ساعة فقط، مما يعكس تصاعد وتيرة الدمار وحجم الخسائر في وقت قصير.
قال أحمد خطاب إن الحرب أثرت بشكل غير مسبوق على الاقتصاد الإسرائيلي، حيث تراجعت معدلات النمو من 4.5% إلى 2% وفق تقارير البنك الدولي، كما سجلت الموازنة العامة عجزًا يُقدر بنحو 7% من إجمالي الميزانية، بينما تتكلف إسرائيل ما يقرب من 300 مليار دولار كل ثلاثة أيام نتيجة العمليات العسكرية ضد إيران.
أوضح خطاب أن الولايات المتحدة لن تعوّض إسرائيل اقتصاديًا، بل ستساندها بالإمدادات العسكرية فقط، وفي المقابل، تكبدت إسرائيل خسائر فادحة في البنية التحتية، بما في ذلك المطارات، والموانئ، ومراكز النفط، والمنشآت السياحية، بالإضافة إلى توقف السياحة والأنشطة التجارية، مما يثقل كاهل الاقتصاد ويُلقي بتبعاته المباشرة على المواطن الإسرائيلي.
أكد خطاب أن الحرب أحدثت حالة من الهلع بين السكان، حيث يشعر الإسرائيليون بعدم الاستقرار والخوف، مما دفع الآلاف إلى طلب الهجرة، ونقلت صحف إسرائيلية أن أكثر من 10 آلاف شخص قدّموا طلبات لمغادرة البلاد، بينما فرّ بعضهم بالفعل عبر اليخوت الخاصة إلى قبرص، هربًا من أجواء الحرب.
وأضاف أن غالبية الأعمال متوقفة، والشارع الإسرائيلي يعيش حالة من الذعر، حيث يقضي المواطنون أيامهم داخل الملاجئ خشية القصف.
انتقد خطاب تجاوز أطراف النزاع للخطوط الحمراء المتعارف عليها دوليًا، مشيرًا إلى أن الحروب النووية لا تُدار بالصواريخ، بل بالدبلوماسية والمفاوضات، لتجنّب كوارث بيئية وجيولوجية نتيجة استهداف المنشآت النووية.
اختتم أحمد خطاب تحليله بالتأكيد على أن إسرائيل خسرت حلفاءها في المنطقة، وأصيبت علاقاتها التجارية والاقتصادية بأضرار بالغة، ورأى أن صمودها حتى الآن يعود إلى دعم الولايات المتحدة لها، إلا أن الاستمرار في هذا المسار سيُثقل كلفته بشدة على الداخل الإسرائيلي.
قال: “لم يعد أمام إسرائيل سوى تخفيض التصعيد واللجوء إلى طاولة التفاوض، إذ تدرك جيدًا أن كلفة الحرب قد تُغرقها اقتصاديًا وتُفقدها ما تبقى من استقرار داخلي