اليوم السبت، نحتفل بالذكرى الرابعة والعشرين لرحيل الفنانة الكبيرة سعاد حسني، التي تُعتبر أيقونة السينما العربية وواحدة من أبرز نجمات العصر الذهبي للفن المصري.
إن ذكرى وفاتها ليست مجرد مناسبة عابرة في التقويم، بل هي لحظة تثير الشجن وتعيد إلى الأذهان سيرة فنية وإنسانية لا تزال محط حب وتساؤل بعد مرور أكثر من عقدين على غيابها.
رحلت سعاد حسني في 21 يونيو عام 2001، إثر سقوطها من شرفة منزلها في لندن في حادث لا تزال تفاصيله محل جدل، لكن تأثيرها الفني والوجداني لا يزال ثابتًا في الذاكرة.
سعاد حسني.
ولدت سعاد حسني في 26 يناير 1943 بحي بولاق في القاهرة، في أسرة فنية تعود أصولها إلى سورية، وكان والدها محمد حسني البابا خطاطًا شهيرًا، وشقيقها غير الشقيق الموسيقار شفيق جلال، كما كانت قريبة للشاعر صلاح جاهين الذي اعتبرته بمثابة الأب الروحي لها.
بدأت سعاد مشوارها الفني مبكرًا، من خلال أوبريت “بابا شارو”، ثم انتقلت إلى السينما عام 1959 بدور “نعيمة” في فيلم “حسن ونعيمة”، لتبدأ بعدها رحلة استمرت أكثر من 30 عامًا.
قدمت خلال مشوارها أكثر من 85 عملًا بين السينما والتلفزيون، وتنوعت أعمالها بين الكوميديا والدراما والاستعراض، ومن أبرز أفلامها “الزوجة الثانية”، “أميرة حبي أنا”، “الكرنك”، و”غروب وشروق”، وكان آخر أعمالها “الراعي والنساء” عام 1991.
سعاد حسني.
كانت سعاد حسني فنانة من طراز نادر، قادرة على تجسيد الطفلة، الفتاة البريئة، المتمردة، المثقفة، وحتى المنكسرة، دون تكلف، وقد جمعتها أعمال مع كبار المخرجين مثل صلاح أبو سيف، علي بدرخان، وحسين كمال.
لم تكن مجرد ممثلة بل فنانة استعراضية بارعة بصوت عذب، قدمت أغنيات شهيرة مثل “بانو بانو” و”خلي بالك من زوزو”، التي أصبحت جزءًا من الذاكرة الشعبية.
من أنجح أفلامها تجاريًا كان “خلي بالك من زوزو” عام 1972، والذي ظل يعرض في دور السينما لأكثر من عام، في سابقة لم تتكرر كثيرًا في تاريخ السينما المصرية.
ارتبط اسمها كثيرًا بالفنان عبد الحليم حافظ، حيث انتشرت شائعات قوية عن زواج سري بينهما، لم يتم تأكيد العلاقة رسميًا، لكنها بقيت محل اهتمام ومحبة من الجمهور، ومن المفارقات أن ذكرى وفاتها توافق يوم ميلاد عبد الحليم، 21 يونيو.
تزوجت سعاد خمس مرات، من بينهم المخرج صلاح كريم، والمخرج علي بدرخان الذي استمر زواجهما 11 عامًا، وكذلك زكي فطين عبد الوهاب، نجل ليلى مراد، والسيناريست ماهر عواد الذي كان زوجها حتى وفاتها.
سعاد حسني.
حصلت سعاد حسني على العديد من الجوائز، منها خمس جوائز من جمعية الفيلم المصري كأفضل ممثلة، وجائزة من المهرجان القومي للسينما، كما كرمها الرئيس الراحل أنور السادات في احتفالات عيد الفن عام 1979، ومنحتها وزارة الإعلام جائزة عن مسلسل “هو وهي”.
في أواخر الثمانينيات، بدأت سعاد تعاني من مشاكل صحية ونفسية، أصيبت بآلام مزمنة في العمود الفقري والوجه، وسافرت إلى لندن للعلاج، ورغم بعدها عن الأضواء، كانت تكتب مذكراتها وتخطط للعودة للفن.
وفي يوم الخميس 21 يونيو 2001، عُثر على جثتها أسفل شرفة شقة تقيم فيها غرب لندن، قالت الشرطة البريطانية إن الحادث انتحار، لكن أسرتها شككت في الرواية، وأكدت شقيقتها جنجاه أن سعاد لم تكن مكتئبة وكانت تستعد للعودة إلى مصر.
بعد 24 عامًا من رحيلها، لا تزال سعاد حسني حاضرة في وجدان الجماهير، صوتها، ضحكتها، مشاهدها، كلها تفاصيل حيّة تتردد في الذاكرة، كانت فنانة مثقفة، وإنسانة مرهفة، استطاعت أن توصل إحساسها بصدق شديد، جعلها سندريلا لا تتكرر.