الهجوم الذي شنته إسرائيل على إيران فجر الجمعة لم يكن مجرد عملية عسكرية تقليدية، بل يمثل تحولًا استراتيجيًا غير مسبوق في الصراع الممتد لعقود بين البلدين.
فبعد سنوات من الاشتباك الخفي والضربات السيبرانية والاغتيالات الغامضة، دخلت تل أبيب وطهران أخيرًا في مواجهة عسكرية مباشرة تنذر بتداعيات إقليمية خطيرة.
في تطور دراماتيكي، شنت إسرائيل هجومًا جويًا موسعًا على الأراضي الإيرانية، حيث شاركت فيه ما يقرب من 200 طائرة مقاتلة، واستهدفت أكثر من 100 هدف استراتيجي، بما في ذلك مواقع نووية وصاروخية بالغة الحساسية.
ووفقًا لتصريحات المحلل الاستراتيجي اللواء سمير فرج في مداخلة هاتفية مع برنامج على مسؤوليتي على قناة صدى البلد، فإن إسرائيل استخدمت أكثر من 350 قنبلة موجهة لضرب منشآت حيوية في قلب إيران، في محاولة لشلّ البرنامج النووي الإيراني.
في بيان رسمي، أكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي أن العملية العسكرية تأتي في إطار ما وصفه بـ”معركة استباقية لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي”.
وأضاف أن إسرائيل باتت تعتبر البرنامج النووي الإيراني تهديدًا وجوديًا، ما يبرر هذه الخطوة التصعيدية غير المسبوقة.
لم يمر الهجوم الإسرائيلي دون رد، إذ أعلنت إيران رسميًا إطلاق عشرات الصواريخ على أهداف عسكرية إسرائيلية، في رد عسكري أولي قالت إنه “مجرد بداية”، وأن لديها “الحق الكامل في الرد الشامل”.
وتشير تقديرات عسكرية إلى أن الصواريخ الإيرانية أُطلقت على دفعتين، ولم يتجاوز عددها 100 صاروخ، وتم اعتراض معظمها، فيما سقط بعضها دون أن يصيب أهدافه بدقة، بحسب أفيخاي أدرعي.
وفي تعليق صادم، قال المفكر الاستراتيجي اللواء سمير فرج إن طهران قد تلجأ إلى استهداف مفاعل ديمونا النووي داخل إسرائيل كرد انتقامي مباشر، محذرًا من أن إيران قد تستبيح جميع الأهداف العسكرية والمدنية في إسرائيل خلال الأيام المقبلة.
العديد من المحللين السياسيين يرون أن هجوم إسرائيل على إيران يمثل نقطة تحوّل حقيقية في ميزان القوى بالشرق الأوسط، وقد يؤدي إلى فتح جبهة إقليمية واسعة النطاق، خاصة مع احتمال تدخل أذرع إيران الإقليمية مثل حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، والحشد الشعبي في العراق، ما يُنذر باندلاع حرب متعددة الجبهات.
من جهتها، دعت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى التهدئة الفورية ووقف التصعيد، محذرين من أن استمرار الصراع قد يؤدي إلى انهيار كامل في أمن المنطقة.
كما عبّرت واشنطن عن قلقها العميق، مطالبةً الطرفين بضبط النفس، في حين التزمت روسيا والصين الصمت حتى الآن.
بينما تتجه الأنظار إلى ردود الأفعال الإيرانية القادمة، يبقى السؤال الأهم: هل سيكون هجوم إسرائيل على إيران بداية لحرب شاملة في المنطقة؟ أم أنه سيبقى في إطار العمليات العسكرية المحدودة التي تُستخدم كورقة ضغط سياسية لإعادة الأطراف إلى طاولة المفاوضات النووية؟
الواضح أن الساعات المقبلة ستكون حاسمة، وستحدد ما إذا كان الشرق الأوسط مقبلًا على أكبر مواجهة عسكرية منذ حرب الخليج، أم أن الجهود الدبلوماسية ستنجح في احتواء الموقف قبل خروجه عن السيطرة.