نجيب الريحاني أيقونة الكوميديا الخالدة وعودة ابنته إلى الساحة الفنية

في قلب الحكاية المصرية، يظل اسم نجيب الريحاني محفورًا في وجدان الأجيال، ليس فقط كأحد رواد المسرح والسينما، بل كرمز إنساني استثنائي عاش ومات من أجل الفن، تاركًا وراءه تراثًا عابرًا للزمن، وجمهورًا لا يزال يضحك ويبكي معه حتى اليوم.

نجيب الريحاني أيقونة الكوميديا الخالدة وعودة ابنته إلى الساحة الفنية
نجيب الريحاني أيقونة الكوميديا الخالدة وعودة ابنته إلى الساحة الفنية

ورغم مرور أكثر من سبعين عامًا على رحيله، فإن اسمه عاد يتصدر المشهد من جديد، وهذه المرة على لسان ابنته التي ظهرت في الإعلام بعد غياب طويل.

ظهور جينا.. ابنة نجيب الريحاني تعيد الذاكرة إلى الواجهة

في لقاء مؤثر عبر البرنامج الذي تقدمه الإعلامية سهير جودة، ظهرت جينا لتتحدث بصراحة عن علاقتها بوالدها الذي لم تره كثيرًا في حياتها، لكنها لا تزال تحتفظ بذكراه كأنه حيّ في قلبها.

قالت جينا: “تعرضت كثيرًا للهجوم لما قلت إني بنت نجيب الريحاني، لكن الحقيقة مكنتش بهتم، علاقتي ببابا مش مجرد نسب، دي حالة إنسانية متواصلة”

وأضافت: “بابا قابل ماما في القاهرة قبل ما يسافر باريس علشان عرض مسرحي، وكان في قصة حب كبيرة بينهم، وبعد سنوات طويلة حصل طلاق، لكن ظلت الذكرى موجودة في حياتنا كلنا”

هذا الظهور النادر لجينا ألقى الضوء مجددًا على الحياة الشخصية للفنان نجيب الريحاني، الذي لم يكن فقط ممثلًا بل كان إنسانًا يحمل مشاعر كبيرة وحسًا فنيًا متقدمًا سبق زمانه.

زيارة قبر نجيب الريحاني: لحظة وفاء لا تنكسر

وثّقت الإعلامية سهير جودة لحظة إنسانية عميقة، عندما نشرت صورًا لابنة نجيب الريحاني وهي تزور قبر والدها في ذكرى وفاته، وتحمل بيديها الورود لتضعها فوق قبره، رغم كبر سنها وتعبها.

وكتبت سهير جودة في منشور مؤثر:

“جينا بنت نجيب الريحاني، لسه بتزور قبر والدها كل سنة وتحط ورد بإيديها، رغم كبر سنها وتعبها، لسه بتحافظ على ذكراه كأنه لسه عايش في قلبها… الوفاء مش بيكبر، واللي بنحبهم عمرهم ما بيموتوا”.

هذا المشهد الصادق لم يمر مرور الكرام، بل أعاد إلى الأذهان قيمًا أصبحت نادرة في زمن السرعة والنسيان؛ الوفاء، والتقدير، والاعتراف بجيل أسس الفن المصري على قواعد متينة لا تزال قائمة.

نجيب الريحاني بين الاستلهام والإبداع.. شهادة يحيى الفخراني

الفنان الكبير يحيى الفخراني، أحد أعمدة الدراما المصرية المعاصرة، علّق خلال استضافته في برنامج “مساء DMC” مع الإعلامي أسامة كمال على استسهال بعض الأعمال الفنية الحديثة، مؤكدًا أن “الزمن أحيانًا بيفرض نوعية خفيفة من الأعمال”، لكنه لم ينس الإشارة إلى تجربة نجيب الريحاني الملهمة.

قال الفخراني: “نجيب الريحاني عمل أعمال عظيمة، وكان بيروح فرنسا يتفرج على مسرحيات كويسة، ويرجع يعملها في مصر بس بحرفية، مش مجرد تقليد، لكن تطوير”

هذا التصريح لم يكن مجاملة فنية بقدر ما كان اعترافًا من فنان كبير بأن الريحاني لم يكن يسرق أو ينقل، بل كان يستلهم ويعيد تشكيل النص الأجنبي بروح مصرية خالصة، وهي معادلة لم يتمكن كثيرون من الحفاظ عليها.

غياب الفخراني عن رمضان 2025.. والحنين إلى جيل الكبار

وفي سياق متصل، كشف الفخراني عن غيابه عن دراما رمضان 2025، مشيرًا إلى أنه لم يجد عملًا جديدًا يشدّه أو يضيف إلى مشواره الطويل.

قال: “اعتذرت عن المشاركة السنة دي، عشان معنديش جديد أقدمه، بشفق على المؤلفين، لأني قدمت كل الأفكار ومش لاقي حاجة مختلفة تُعرض عليا وتشدني”

آخر أعمال الفخراني كان مسلسل “عتبات البهجة” الذي عُرض في رمضان 2024، وشاركه فيه عدد من النجوم مثل جومانا مراد، هنادي مهنا، وصلاح عبد الله، بإخراج مجدي أبو عميرة.

ويبدو أن غياب الفخراني في موسم 2025، وعودة الحديث عن نجيب الريحاني، يعيدان تشكيل الحوار حول معنى “الفن الحقيقي”، وما الذي يُخلّد العمل الإبداعي في وجدان الناس.

نجيب الريحاني أكثر من فنان.. هو حالة مصرية خالصة

ولد نجيب إلياس ريحانة في 21 يناير 1889، لأسرة من أصول عراقية، بدأ مشواره الفني من المسرح، حيث أسّس فرقة “الريحاني”، وقدّم عبرها عشرات المسرحيات، أبرزها: “الدنيا على كف عفريت”، “حكم قراقوش”، “كشكش بيه”، وغيرها من الأعمال التي ما زالت تُدرّس حتى اليوم

لاحقًا، انتقل إلى السينما، وقدّم أعمالًا خالدة مثل:

“غزل البنات”.

“لعبة الست”.

“أحمر شفايف”.

“سي عمر”.

وما يميز نجيب الريحاني أنه لم يكن يعتمد فقط على الكوميديا كأداة للضحك، بل كان يقدم الكوميديا كوسيلة لنقد الواقع وكشف التناقضات الاجتماعية، وهو ما جعل أعماله تصمد لعقود طويلة دون أن تفقد بريقها.

إرث لا يموت وشخصية لا تُنسى

يبقى نجيب الريحاني مدرسة فنية وإنسانية متفردة، لا تُختزل في أعماله فقط، بل في تأثيره على الأجيال التالية من الممثلين والمخرجين والكتاب.

والدليل أن مجرد ظهور ابنته في لقاء تلفزيوني كفيل بإعادة اسمه إلى صدارة الاهتمام العام، وتداول صوره واقتباساته على مواقع التواصل.

ربما لم يكن الريحاني يعلم، وهو يواجه صعوبات الحياة ويؤدي أدواره بشغف، أن ذكراه ستبقى كل هذا الزمن حيّة، وأن الوردة التي تضعها ابنته على قبره كل عام ستكون رمزًا لوفاء قلّ نظيره.

خاتمة

نجيب الريحاني لم يكن مجرد فنان، بل حالة وجدانية وفكرية وفنية، اسمه يعود مجددًا إلى الساحة بفضل صوت ابنته “جينا”، وشهادة كبار الفنانين مثل يحيى الفخراني، ومشاعر الوفاء التي لا تزال حية في قلوب الملايين.