«المعاش حق وليس منة.. محامون يطالبون بزيادة الحد الأدنى إلى 10 آلاف جنيه شهرياً»

أصدر مجموعة من المحامين بيانًا رسميًا، اليوم، يتعلق بمعاش المحامي وكرامة المهنة، موجهًا إلى عبد الحليم علام، نقيب المحامين، وأعضاء مجلس النقابة العامة للمحامين.

«المعاش حق وليس منة.. محامون يطالبون بزيادة الحد الأدنى إلى 10 آلاف جنيه شهرياً»
«المعاش حق وليس منة.. محامون يطالبون بزيادة الحد الأدنى إلى 10 آلاف جنيه شهرياً»

جاء في البيان: “نكتب إليكم اليوم بقلوب مكسورة وعيون دامعة، نرفع أصواتنا إليكم، ليس للتعبير عن شكوى فحسب، بل للدفاع عن كرامة من قضوا أعمارهم في خدمة العدالة والمجتمع، لتصبح اليوم حياتهم بعد التقاعد عبئًا ثقيلًا، بدلًا من أن تكون مكافأة تقدير على تضحياتهم”

واستكمل البيان: “نتحدث عن شيوخ المحامين، الذين كانوا في يوم من الأيام أساتذة لنا، وأعمدة مهنة المحاماة، والذين أصبحوا الآن في خريف العمر، يعانون في صمت”

وتابع: “المحامي الذي قضى سنوات طويلة في الدفاع عن الحق، وفي حفظ العدالة، وإسداء النصح وإحقاق الحقوق، ها هو اليوم يقف عاجزًا أمام ضعف معاشه، الذي لا يكفيه حتى لشراء دواء لضغطه أو سكره، المحامي الذي أفنى حياته في ساحة القضاء، ها هو يُلقى به في النهاية إلى الزمان القاسي، ليواجه الحياة بألم مادي ونفسي، أين العدل؟ أين الوفاء؟”

إن المعاش الذي لا يتجاوز حفنة من الجنيهات لا يمكن أن يعكس تضحيات شيوخنا، بل هو بمثابة إهانة لحجم الجهود التي بذلها المحامي طيلة سنوات عمله، والتي كانت تليق بها حياة كريمة بعد التقاعد، ولكن، أي حياة كريمة تلك التي يعيشها المحامي الآن؟ أهي حياة الكرامة التي يستحقها؟ أم هي حياة الذل التي تكسر النفس، وتبعثر الأمل؟

ما الذي يمكن أن يشعر به المحامي المتقاعد الذي وجد نفسه في نهاية المطاف عاجزًا عن تلبية أبسط احتياجاته؟ ما الذي يمكن أن يشعر به ابن مهنة، بطلها كان في يوم من الأيام رمزًا للعدالة، ثم أصبح اليوم بلا أمل في الحياة؟ هذا ليس ظلمًا فقط، بل هو محو لكرامة من أرسوا أسس العدالة في مجتمعنا.

نحن هنا اليوم نرفع هذا الصوت بملء أفواهنا، لكي يسمعه الجميع، لأننا نعلم أن هؤلاء الزملاء الذين نرفع أصواتنا من أجلهم، هم أبناء هذه المهنة العريقة، وهم الذين أفنوا حياتهم في خدمة الحق، ولم يطلبوا إلا أن يظلوا معززين مكرمين حتى بعد أن يضعوا عصاهم في زاوية الدار.

نعم، نحن نطلب رفع معاش المحامي المتقاعد إلى عشرة آلاف جنيه شهريًا، لأن ذلك هو الحد الأدنى الذي يضمن للمحامي المتقاعد حياة كريمة، نطالب بإنشاء صندوق صحي للرعاية، نطالب بتطوير معايير المعاشات، لكي لا يُترك المحامي المتقاعد يواجه الحياة بمفرده، بلا دعم من نقابته، بلا اهتمام من مؤسسات الدولة، بلا تقدير للجهود التي بذلها في أصعب الظروف.

يا سادة، لا يُعقل أن نجد المحامي الذي كرس حياته لنصرة الحق، اليوم يتجرع مرارة الفقر والعوز، وهو يقاوم المرض والتعب في صمت، ألم يكن يستحق من النقابة، التي تعتبر أسرته الثانية، أن تقف إلى جانبه؟ ألم يكن يجب أن تكافئه كما كافأته العدالة طوال سنوات عمره؟

هل يعقل أن يكون المبلغ الذي يُعتبر “معاشًا” بعد سنوات من العمل المضني، لا يكفي حتى لتغطية تكاليف العلاج؟ هل يعقل أن يُترك المحامي الذي قضى عمره في الدفاع عن الحق في الشوارع يعاني، بلا دعم أو تقدير؟ هل سيظل هؤلاء المحامون المتقاعدون في غياهب النسيان، وملوّعين بنيران المعاناة؟ هل نريد لهم أن يُترَكوا كي يُصبحوا عبئًا على غيرهم؟

نعم، نحن لا نطالب بالكثير، نحن نطالب بحياة كريمة، بقدر ما نستحقه، بقدر ما قدمنا للمجتمع من تضحيات.

نطالب بأن يكون الحد الأدنى للمعاشات كافيًا ليعيش المحامي المتقاعد، بعد سنوات من العطاء، حياة لا تذلّ فيها كرامته، حياة لا يواجه فيها السؤال اليومي عن قوته ودوائه، نطالب بأن ترفع النقابة يدها عن التقاعس، وأن تتحرك سريعًا للوقوف بجانب المحامين المتقاعدين الذين أفنوا عمرهم في سبيل المهنة.

نطالبكم، يا سادة، أن تتذكروا دائمًا أن المحامي ليس مجرد موظف، بل هو حامل لواء الحق، وأن هذا الحق لا يجب أن يتوقف بعد التقاعد، بل يجب أن يُستمر له في العيش الكريم، المحامي المتقاعد هو تاريخ مهنة، هو أيقونة من أيقونات العدالة، ويجب أن يُعامل بما يليق بهذا التاريخ.

يا من تمثلون نقابتنا، وكونوا الأمل لنا في مواجهة هذا الظلم! أنتم في يديكم الآن أن ترفعوا هذا الظلم عن محاميكم، وتعيدوا لهم بعضًا من الكرامة التي ضاعت، نريد أن نرى محامينا المتقاعدين في نهاية حياتهم، وهم مرفوعي الرأس، معززين مكرمين، لا أن نراهم في مهب الريح.

لذلك، نطالب بشدة بأن يتم رفع المعاش إلى 10,000 جنيه شهريًا، وأن يتم تخصيص موارد إضافية لدعم صندوق المعاشات، وأن تتحمل النقابة مسؤولياتها الأخلاقية تجاه المحامي المتقاعد، وأن تقوم بإجراء كافة التعديلات التشريعية والمالية اللازمة لضمان حياة كريمة للزملاء المتقاعدين.

واختتم البيان: “لن نسمح بأن يُعاش شيوخنا في المهنة في صمت وبؤس، فلنوقف هذه المهزلة، ولنرفع كرامتنا جميعًا”