تعتبر مشاريع الشباب، وخاصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، بمثابة شريان الحياة لأي اقتصاد نامٍ، فهي تساهم في خلق فرص عمل، وتعزز الابتكار، وتلعب دورًا مهمًا في زيادة الناتج المحلي الإجمالي، وفي مصر، حيث تتوافر طاقات شبابية كبيرة وأفكار ريادية واعدة، يظل السؤال المطروح: ما هي العوائق التي تحول دون تحويل هذه الأفكار إلى واقع ملموس، هل هي “فجوة ثقة” بين الشباب والبنوك، أم “معوقات بيروقراطية” تعرقل مسيرة التمويل؟
يحمل آلاف الشباب المصريين أحلامًا كبيرة لبدء مشاريعهم الخاصة، مدفوعين بالحماس ورغبة في الابتكار وتقديم حلول جديدة للسوق، من مشروعات تكنولوجية ناشئة، إلى ورش حرفية، ومطاعم صغيرة، ومبادرات اجتماعية، تتنوع أفكار الشباب وتعكس حيوية المجتمع.
التقينا ببعض هؤلاء الشباب لنعرض مشاكلهم، وجاءت كالتالي:
محمد علي (30 عامًا، رائد أعمال في مجال التسويق الرقمي): “لديَّ فكرة مشروع متكامل يمكن أن يخدم شريحة كبيرة من الشركات الصغيرة، ويساهم في خلق وظائف، قضيت شهورًا في إعداد دراسة جدوى مفصلة، لكن عندما توجهت للبنوك، واجهت جدارًا من الطلبات المعقدة والضمانات التي لا أستطيع توفيرها كشاب يبدأ من الصفر، أشعر أنهم لا يثقون في الأفكار الجديدة بقدر ثقتهم في الأصول الثابتة.”
سارة محمود (27 عامًا، صاحبة مشروع لمنتجات يدوية): “أواجه صعوبة كبيرة في توسيع ورشتي بسبب نقص التمويل، أرباحي تغطي تكاليف التشغيل بالكاد، البنوك تطلب سجلًا تجاريًا ضخمًا وعدد سنوات خبرة في السوق، بينما نحن في بداية الطريق، أين الثقة في قدرة الشباب على النجاح إذا لم يمنحونا الفرصة؟”
أكدت المؤسسات المصرفية أن عملية تمويل المشروعات، لا سيما الصغيرة والمتوسطة والناشئة، تخضع لمجموعة من المعايير الائتمانية والرقابية الدقيقة، التي تهدف بالأساس إلى إدارة المخاطر وحماية أموال المودعين، وفي هذا السياق، قال مصدر مصرفي مسؤول: “تلتزم البنوك بتوجيهات البنك المركزي المصري لدعم قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وهناك محفظة كبيرة مخصصة لهذا الغرض، ومع ذلك، فإن طبيعة هذه المشروعات، وخاصة تلك التي يقودها شباب رواد أعمال، تتطلب تقييمًا شاملًا لعدة عوامل رئيسية، فغالبًا ما يفتقر رواد الأعمال الشباب إلى سجل ائتماني كافٍ، أو بيانات مالية موثقة لسنوات عديدة، أو حتى الضمانات التقليدية التي تتطلبها الأطر المصرفية المعمول بها، هذه العوامل لا تعكس بالضرورة عدم الثقة في الفكرة، بل هي جزء من ضوابط إدارة المخاطر التي تضمن استمرارية البنك وقدرته على الإقراض في المستقبل.”
وأضاف المصدر: “نحن نسعى دائمًا لسد الفجوة بين طموح الشباب ومتطلبات الإقراض البنكي، يكمن التحدي في كيفية مساعدة رواد الأعمال على إعداد دراسات جدوى قوية ومقنعة، وخطط عمل واقعية، وفهم أفضل للمتطلبات المصرفية، وهو ما نعمل عليه من خلال الشراكات مع الجهات الداعمة لرواد الأعمال.”
يبدو أن المشكلة تقع في منطقة رمادية بين الأمرين:
لمواجهة هذه التحديات، تبذل الدولة المصرية جهودًا كبيرة من خلال:
نحو مستقبل أكثر تيسيرًا: توصيات وحلول مقترحة
لتحويل التحديات إلى فرص، يمكن اقتراح عدة حلول: