لا يزال شبح التضخم يهيمن على المشهد الاقتصادي في مصر، مما يثقل كاهل الأسر المصرية، لاسيما الطبقتين المتوسطة والدنيا، حيث تتآكل القوة الشرائية، وتزداد معاناة المواطنين في تلبية احتياجاتهم الأساسية، هذه المعاناة تمتد لتشمل حتى “سلة المتعة” اليومية، حيث أصبحت الأسعار تتجاوز قدرة الكثيرين على الشراء.
رغم الجهود الحكومية للسيطرة على التضخم، تبقى تأثيراته المباشرة واضحة في الأسواق المحلية، ارتفاع تكاليف الإنتاج، بالإضافة إلى سلاسل الإمداد المتأثرة عالميًا، وتحديات سعر الصرف، كلها عوامل تتضافر لتنعكس على فاتورة المستهلك النهائي، مما يضع الأسر في مأزق حقيقي، حيث يجدون أنفسهم أمام خيارات صعبة بين تلبية الضروريات والتخلي عن الكماليات.
كانت فواكه الصيف تمثل بهجة موسمية للكثير من الأسر المصرية، بأسعارها المعقولة التي تتيح للجميع الاستمتاع بها، لكن هذا الموسم، تحولت “سلة الفاكهة” إلى رمز صارخ لتأثير التضخم ومعاناة الأسر، جولة سريعة في الأسواق تكشف عن أسعار صادمة:
هذه الأرقام تعني أن الأسرة المصرية ذات الدخل المتوسط أو المحدود تجد صعوبة بالغة في شراء كيلو واحد من العنب، أو حتى بطيخة واحدة، مما يجعل فواكه الصيف، التي كانت في متناول الجميع، تتحول إلى رفاهية لا يقوى عليها الكثيرون.
لإضفاء الطابع الإنساني على المشكلة، استمعنا إلى آراء بعض المواطنين الذين يواجهون هذا الواقع يوميًا.
السيدة “أم محمد” (ربة منزل، 50 عامًا): “كنت أنتظر الصيف لأشتري الفاكهة لأولادي، خاصة العنب والبطيخ، الآن، البطيخة الواحدة أصبحت بـ 120 جنيهًا، كيف أستطيع شراءها وعندي أسرة كبيرة وميزانية محدودة، أطفالنا يتمنون هذه الفاكهة، لكنها أصبحت حلمًا”
الأستاذ “محمود علي” (موظف حكومي، 45 عامًا): “راتبي لم يعد يكفي لمتطلبات الحياة الأساسية، الخضروات والفاكهة التي كانت رخيصة أصبحت غالية جدًا، عندما أرى أسعار العنب والخوخ، أشعر بالعجز، كنا نعتبر الفاكهة جزءًا من نظام غذائنا الصحي، الآن أصبحت رفاهية لا نملكها”
الشاب “كريم حسام” (عامل يومية، 28 عامًا): “أعمل لساعات طويلة لأكسب قوت يومي، ولكن ما أجنيه بالكاد يكفي للطعام الأساسي، أنظر إلى أسعار الفاكهة في السوق وأمرّ من أمامها، لا أستطيع حتى التفكير في شرائها، هذا يؤثر على معنوياتنا، فنحن نريد أن نوفر لأطفالنا كل ما يحتاجونه، لكن التضخم يمنعنا”
إن ارتفاع أسعار فواكه الصيف هو مجرد مؤشر ملموس لظاهرة التضخم الأوسع نطاقًا، والتي تؤثر على جميع جوانب حياة الأسر:
تبذل الحكومة المصرية والبنك المركزي جهودًا مكثفة لمواجهة التضخم، من خلال سياسات نقدية تهدف إلى كبح جماح ارتفاع الأسعار، ومبادرات لتوفير السلع الأساسية بأسعار مخفضة، ومع ذلك، فإن هذه الجهود تتطلب وقتًا ليظهر تأثيرها الكامل على أرض الواقع.
يبقى الأمل معلقًا على استقرار الأسواق، وتحسن الظروف الاقتصادية الكلية، وانخفاض معدلات التضخم لتعود “سلة الفاكهة” إلى مائدة كل أسرة مصرية، ولتستعيد الطبقة المتوسطة والدنيا قدرتها على العيش الكريم وتلبية احتياجاتها الأساسية والترفيهية.