تأثير توفير الغاز على مصر.. إسرائيل ترفع الأسعار والقاهرة تتجه نحو تحالفات جديدة مع السعودية وقطر

تشهد مصر في مايو 2025 تحولات بارزة في قطاع الطاقة، وبالأخص فيما يتعلق بالغاز، وذلك بعد خطوات غير متوقعة من إسرائيل برفع أسعار الغاز الطبيعي وتقليص كميات التوريد.

تأثير توفير الغاز على مصر.. إسرائيل ترفع الأسعار والقاهرة تتجه نحو تحالفات جديدة مع السعودية وقطر
تأثير توفير الغاز على مصر.. إسرائيل ترفع الأسعار والقاهرة تتجه نحو تحالفات جديدة مع السعودية وقطر

هذا التغيير دفع مصر إلى تكثيف جهودها لعقد اتفاقيات بديلة مع دول مثل قطر، في مسعى للحفاظ على استقرار السوق المحلي وضمان استمرار إمدادات الكهرباء خلال فصل الصيف.

إسرائيل ترفع أسعار الغاز وتقلص الإمدادات

وفقًا لما أفادت به “العربية”، أعلنت إسرائيل عن زيادة سعر تصدير الغاز الطبيعي إلى مصر بنسبة تصل إلى 25%، ليصل السعر من 6.7 دولارات إلى نحو 9.4 دولارات لكل مليون وحدة حرارية.

هذا القرار جاء بالتزامن مع تقليص إمدادات الغاز المصدّرة إلى القاهرة بنحو 500 مليون قدم مكعبة يوميًا، مما أحدث ضغطًا كبيرًا على شبكة الطاقة المصرية، خاصة في ظل الزيادة الموسمية في الاستهلاك.

تشير التقارير إلى أن السبب وراء هذا التحرك الإسرائيلي يعود إلى ارتفاع الطلب المحلي، بالإضافة إلى سعي تل أبيب لتعظيم عائدات التصدير وسط تقلبات الأسواق العالمية.

مصر تتجه إلى قطر لتأمين بدائل موثوقة

ردًا على هذا الوضع، بدأت وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية في التواصل مع قطر لعقد اتفاقيات طويلة الأجل لاستيراد الغاز الطبيعي المسال (LNG).

تتضمن هذه الخطوات مباحثات لتوقيع عقود توريد تمتد لعدة سنوات، بهدف تعزيز أمن الطاقة الوطني وتقليل الاعتماد على مصدر واحد.

أكدت مصادر حكومية أن المحادثات مع الجانب القطري تسير بوتيرة سريعة، وسط دعم سياسي رفيع المستوى، حيث تُعتبر قطر من أبرز مصدري الغاز في العالم وتملك بنية تحتية متطورة تلبي احتياجات مصر من الغاز بسهولة.

تنويع الشركاء.. السعودية في الصورة

لا تقتصر جهود مصر على قطر فقط، بل تشمل أيضًا مفاوضات مع شركات كبرى في مجال الطاقة مثل “أرامكو” السعودية و”ترافيجورا” و”فيتول”.

وفقًا لمصادر مطلعة على رويترز، تهدف القاهرة إلى التعاقد على شراء ما بين 40 إلى 60 شحنة من الغاز الطبيعي المسال لتغطية احتياجات السوق المحلي حتى نهاية 2025، مع إمكانية تمديد الاتفاق حتى عام 2028.

تأتي هذه الخطوة في إطار استراتيجية أوسع لتنويع مصادر الغاز والابتعاد عن الاعتماد الكامل على الغاز الإسرائيلي، الذي أصبح اليوم مصدرًا غير مستقر سياسيًا واقتصاديًا.

التحديات.. تكلفة الاستيراد والبنية التحتية

رغم هذه الجهود، تواجه مصر تحديات لوجستية واقتصادية، إذ إن استيراد الغاز المسال من قطر ودول أخرى يتطلب محطات تحويل من الصورة السائلة إلى الغازية، مما يزيد من التكلفة مقارنة بالغاز المنقول عبر خطوط الأنابيب من إسرائيل.

لكن الحكومة المصرية ترى أن الاستثمار في هذه البنية التحتية هو قرار استراتيجي يهدف إلى تعزيز أمن الطاقة وتفادي أزمات مستقبلية، خاصة أن أزمة خفض إمدادات الغاز الأخيرة كشفت هشاشة الاعتماد على مصدر واحد.

مصر نحو استراتيجية طاقة أكثر توازنًا

يتضح من المشهد الراهن أن مصر تعيد ضبط سياساتها في مجال الطاقة، من خلال تبني استراتيجية تقوم على تنويع مصادر الاستيراد وتوقيع اتفاقيات طويلة الأجل مع شركاء متعددين.

رغم التحديات المرتبطة بالبنية التحتية وتكاليف النقل، فإن هذه الخطوات تعكس إدراكًا رسميًا لضرورة تأمين احتياجات السوق المحلي في ظل التغيرات الجيوسياسية المتسارعة.

مع دخول الصيف وارتفاع الطلب، ستكون قدرة مصر على إدارة هذا التحول بفعالية عاملاً حاسمًا في استقرار الطاقة، ليس فقط خلال 2025، بل للسنوات القادمة أيضًا.