أكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن الاجتماعات المتواصلة مع القطاع الخاص تُعبر عن رؤية مصر من خلال شراكات عملية ومبتكرة.
وأوضحت أن التحول الاقتصادي الذي تشهده مصر يضع القطاع الخاص في صميم النمو المستدام عالي الجودة. وفي إطار خطة عمل الحكومة للفترة 2024–2027، يتم تنفيذ الإصلاحات الهيكلية التي تهدف إلى إطلاق إمكانيات القطاع الخاص من خلال تبسيط اللوائح التنظيمية، وتعزيز ثقة المستثمرين، وتطبيق وثيقة سياسة ملكية الدولة التي تهدف إلى توضيح دور الدولة الاقتصادي وتوفير مساحة أكبر لنمو القطاع الخاص.
جاء ذلك خلال كلمة وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي في الفعالية الثالثة من سلسلة لقاءات BRIDGE، التي تهدف إلى تعزيز الحوار مع مجتمع الأعمال وشركات القطاع الخاص وتعريف الشركات بالأدوات التمويلية المتاحة من البنك الأفريقي للتنمية، في سياق رؤية الدولة لتحقيق نمو اقتصادي يقوده القطاع الخاص المحلي والأجنبي، بحضور ممثلي جمعيات رجال الأعمال وعدد من قادة القطاع الخاص.
وأشارت الدكتورة رانيا المشاط إلى دور وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي المحوري في ترسيخ الانضباط المالي من خلال تحديد سقف للاستثمارات العامة قدره تريليون جنيه، مما يضمن استقرار الاقتصاد الكلي ويفسح المجال للإصلاحات الهيكلية التي التزمت بها الدولة. وقد أسفرت تلك الجهود عن نتائج ملموسة، حيث أصبحت استثمارات القطاع الخاص تمثل 63% من إجمالي الاستثمارات في مصر خلال الربع الأول من العام المالي الجاري، مقارنةً بنسبة 27% فقط قبل ثلاث سنوات، مع سعي الدولة لزيادة هذه النسبة بشكل مستمر خلال الفترة المقبلة.
كما أكدت على جهود الحكومة لزيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، من خلال إصدار العديد من الحوافز المالية وإجراء الإصلاحات الهيكلية التي تشجع على زيادة تلك الاستثمارات، مع التركيز على القطاعات القابلة للتداول والتجارة.
وشددت «المشاط» على أهمية الشراكة مع مؤسسات التمويل الدولية لتحفيز الاستثمارات، حيث تجاوزت التمويلات الموجهة للقطاع الخاص 14.5 مليار دولار منذ عام 2020، بينما ارتفعت التمويلات الميسرة إلى 4.2 مليار دولار لتتجاوز التمويلات الموجهة للقطاع العام للمرة الأولى خلال العام الماضي.
وثمّنت الشراكة مع البنك الأفريقي للتنمية الذي يُعتبر شريكًا رئيسيًا في منصة “نُوَفى”، حيث يتولى البنك دور الشريك الرئيسي في محور المياه. كما أشارت إلى تقرير المتابعة الثاني للمنصة الذي يظهر كيف تُساهم الاستثمارات المحلية للقطاع الخاص في تطوير البنية التحتية بما يتماشى مع استراتيجية مصر الوطنية لتغير المناخ 2050 والمساهمات المحددة وطنيًا (NDCs). وتعمل الوزارة على تنفيذ مبادرة بالتعاون مع البنك الأفريقي للتنمية لتبادل الخبرات مع الدول الأفريقية بشأن برنامج «نُوفّي».
وأضافت أن البنك الأفريقي للتنمية يخطط لتوجيه استثمارات بقيمة 300 مليون دولار إلى القطاع الخاص في مصر خلال عام 2025، مع التركيز على تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة والشركات الكبرى من خلال أدوات تمويل المشروعات، وتمويل الشركات، وخطوط الائتمان.
وتابعت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي أنه في ظل التحديات العالمية الحالية، بدءًا من تغير المناخ إلى فجوة التمويل لتحقيق أهداف التنمية المستدامة التي تُقدَّر بـ 4 تريليون دولار سنويًا، مرورًا بالمخاطر الجيوسياسية المتزايدة والتوترات التجارية، أصبح من الضروري تبني شراكات مبتكرة وشجاعة أكثر من أي وقت مضى.
وقالت “المشاط” إن التعاون الفعّال لا يقتصر فقط على التمويل، بل يتطلب أيضًا توفير معلومات موثوقة وسهلة الوصول. وقد أُطلقت منصة “حافز”، والتي تمثل منصة رقمية موحدة تُسهِّل على القطاع الخاص الوصول إلى أدوات التمويل والدعم الفني والمناقصات وبرامج التدريب، من خلال الشراكة مع مؤسسات تنموية مثل البنك الأفريقي للتنمية. وتضم المنصة أكثر من 90 خدمة مالية واستشارية، إلى جانب مئات المناقصات، مما يُساهم في تسهيل دخول الشركات للأسواق الأفريقية ودعم التوسع والتكامل الإقليمي.
واختتمت «المشاط» كلمتها بالتأكيد على أن تنمية أفريقيا ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالتصنيع والتكامل الاقتصادي. وأضافت أن ركائز البنك الأفريقي للتنمية الخمس “إنارة أفريقيا”، “إطعام أفريقيا”، “تصنيع أفريقيا”، “تكامل أفريقيا”، و”تحسين حياة الشعوب” تتماشى مع رؤية مصر التنموية. كما أكدت أن الشركات المصرية تتمتع بمزايا تنافسية في قطاعات مثل الصناعات الدوائية، والزراعة الذكية، والطاقة المتجددة، مما يؤهلها للنمو في القارة الأفريقية. وأشارت إلى أن تعزيز البنية التحتية للوجستيات وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات سيسهم في إزالة الحواجز التجارية وتعزيز التجارة البينية الأفريقية.
وكانت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي قد أطلقت سلسلة لقاءات BRIDGE، التي تستهدف تعزيز مساهمة القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية، واستعراض الفرص الاستثمارية في القطاعات ذات الأولوية في مصر، وتعزيز التكامل بين الخطط الاستثمارية للدولة والبرامج التي ينفذها شركاء التنمية. ويأتي ذلك من خلال تشجيع الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، وتعزيز فرص التمويل المختلط، والتمويل الإنمائي، والمنح للقطاع الخاص، بالإضافة إلى بلورة الفرص في مجال ضمانات الاستثمار والمسؤولية المجتمعية للشركات.
تجدر الإشارة إلى أن هذه اللقاءات تأتي في إطار رؤية مصر 2030، والتي تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الشراكة بين القطاعين في مجالات متعددة، مما يدعم جهود الحكومة في تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة.